الثلاثاء، سبتمبر 01، 2020

هل حقاً نحن كسالى أم "مطاميس"؟

 

هل حقاً نحن كسالى أم "مطاميس"؟

أثار فيّ ابن الدفعة، والزميل سابقاً بصحيفة السودان الحديث، الأستاذ الخلوق البدوي يوسف، الابن النجيب والبار لقضروف ود سعد، بتناوله الشيّق والموفق لسِمسِم القضارف وسَمسَها، أثار فيّ خواطر وشجون ظلت عصية على النسيان، عنيدة في مغادرة الذاكرة، المثقلة بالشجون الوطنية.

ترجع الخاطرة العابرة والعِبرة التي أبت أن تعبر إلى بداية مقدمنا لانجلترا، حيث جمعتنا الظروف بصديق إيريتري اسمه تسفاي، وجدناهم هم والصوماليين أقرب الشعوب إلينا، ينظرون إلينا ويقدروننا بصورة مبالغة، هذا التسفاي، متى ما تطرقنا لهموم أوطاننا، ضرب كفٍ بكفِ مستغربا مننا كسودانيون، كيف لدينا راضٍ مثل القضارف "وواطاة" مثل سَمسَم ونهاجر إلى أوروبا! قال لي أنه عمل موسمياً بمشاريع سَمسَم الزراعية، ورأي السمسم الخرافي رأي العين، وتمّكن من توفير المالي الكافي لهجرته بأسرع مما تصوّر في المنافي، ثم إتجه من القضارف إلى الخرطوم، ظناً منه أنّ الخضرة محصورة في قلع النحل ومفازة وسَمسَم ودوكة والحوّاته، وظل يمد عنقه، يتطلع إلى نهاية المشروعات الممتدة بلا نهاية، والتي تكاد تلامس الأفق، لم يصرفه عن هذا التأمل في اللوحات الطبيعية، إلاّ مشاهد قطعان المواشي الشبعى، ولم يكن يصّدق نفسه، أنه وصل الخرطوم برفقة الزرع المفرهد، والضرع الممتلئ.

وتذكرت نشدنا في أولى إبتدائي

غنمي ترعى             طول اليوم

وسط المرعى            طول اليوم

وهي شبعى        طول اليوم

ومما عزّز تقيم صديقي تسفاي السالب للشعب السوداني، أعداد محترفي الحرف الهامشية الذي هاله رؤيتهم في أرصفة الخرطوم، في ظل توفر الفرص الواعدة في القضارف، قالي لي، شُبان مفتولي العضلات يبيعون المياه الباردة، ويفرشون "اللُصق" على التراب وفي الهجير اللاهب.

كلما أعاد عليّ صديقي الإيريتري تسفاي، مشهد الخُضرة الخرافية في شرق السودان، لم يتردد في وسمنا كسودانيين بالكسل "والطماسة"، لدرجة كاد أن يشكك في ثقتي في نفسي كإنسان يجب علىّ عدم تضيع الفرص المتاحة أينما ومتى ما سنحت، إلاّ أنّه مشكوراً، عزّز من ثقتي في إمكانات بلادنا، وثرواتها الطبيعة النادرة، وثبّت قلبي على مستقبلنا الواعد، وغدنا المشرق.

عرض عليّ صديقي تسفاي، مشاهد لنفائر عائلية في بلاده لإزاحة الحصى الذليلة، ونقل الصخور المسكينة من حيازات زراعية لتجهيز بضع فدادين على سفوح الجبال، فقيرة التربة، ضيقة المسارات، ليقول لي أنّ أصحاب مثل هذه الحيازات المتواضعة محظوظين، حينها أدركت، كنت أنا أضرب كفٍ بكف، إشفاقاً عليهم، ومستدركاً حجم الإخطاء الفادحة التي ترتكبها الطُغم الحاكمة في بلادنا، وتساءلت أين تذهب هذه المنتجات الزراعية المهولة؟ ولِم لا تغير من واقع حالنا؟

من يمتلك الإجابة والحلول، فليتفضل بها علينا، لعلنا نهتدي، أو أن نجد من الزراعة هدى.

شكراً عزيزي أستاذ البدوي يوسف

وألف شكر صديق تسفاي

// إبراهيم سليمان//

23 أغسطس 2020م

 

ليست هناك تعليقات: