السبت، أغسطس 24، 2019

إستفهامات حيرى


إستفهامات حيرى
كم هو مؤلم أن ترى من يسترخص أوراح ودماء الأبرياء متربع على كرسي السلطة، وكم هو موجع ومؤسف أن ترى حصاد آلة القتل من الشباب والأطفال في تزايد دون مبالاة من المعنيين بحمايتهم، وكم هو مربك أن ترى المفوض بإستلام السلطة يتردد ويتهيب المسئولية، وكم هو محّير أن ترى وفد التفاوض يقّدم رجل ويؤخر أخرى لحسم ما تبقَ من ملفات، وكم هو مبهم ألاّ يعرف الشعب الصابر سبب المماطلة في تشكيل حكومة "الخلاص" الإنتقالية المرتقبة، وكم هو متعب ملاحقة وفود التفاوض عبر القاعات وعواصم الجوار، وكم هو مرهق معرفة شخوص وفود التفاوض ناهيك عن الإلمام بإمكانياتهم التفاوضية ومرجعياتهم السياسية؟ وكم هو مبهم أن تعرف من المعني بالحوار من زعماء ثوار الهامش، ومن المهمش؟ وكم هو مقلق أن تتنبأ باسم الجنرال الذي يترأس مجلس سيادة البلاد في الفترة المقبلة.
ومن يعرف سر إبقاء المجلس العسكري الإنتقالي على مليشيات النظام البائد، من دفاع شعبي، وشرطة شعبية وكافة كتائب الظل القاتلة والتي يصعب حصر مسمياتها؟ ومن يستطيع إقناع نائب رئيس المجلس العسكري الإنتقالي، أنّ رهانه على الإعلام المأجور، والأقلام المعروضة للبيع، لتلميع صورته، رهان خاسر، وتبديد لموارد البلاد فيما لا طائل منه، ومن يقنع ق ح ت التي تظن أنّ لا حرب بدون مني وجبريل، بأنّ لا سلام بدون الحلو وعبد الواحد، ومن ينبه ق ح ت أنّ الموافقة على تحريم الجنسية المزدوجة، هو تآمر ضد خمسة ملايين سوداني غيور، وحرمانهم من المشاركة في بناء الدولة المدنية المرتقبة؟
وهل الجنرال الذي سيتولى حقيبة الداخلية، يستطيع حماية أطفال المدراس من قناصات الأبراج والقلاع الكيزانية الشاهقة، وما هو السيناريو المتوقع؟ إذا ماطل الرئيس العسكري في تسليم السلطة للرئيس المدني في موعده؟ وبأي قانون سيحاكم القتلة والفاسدين من رموز النظام السابق؟ 
مجزرة الأبيض المؤلمة، ومن قبلها مجزرة السوكي، لا يحتاج المرؤ لكبير عناء، لمعرفة هوية الجناة المستفيدين من إثارة البلبلة، وإعاقة مسيرة التحول السلمي لسلطة مدنية، رغم ذلك لن يعفِ الشعب السوداني للمجلس العسكري سلبيته، وتستره على الجناة، وعدم مبالاته بأرواح أطفال المدراس الورثة الشرعيين لهذه البلاد، ولم يبرئ كذلك الشارع السياسي ق ح ت من عدم الجديّة في حسم ملفات التفاوض، والإسراع في تشكيل حكومية مدنية تضع النقاط على الحروف، وتوقف نزيف الدم السخين على الشوارع، لقد إتضح أنّ الحوار بين ق ح ت والمجلس العسكري من جهة، وبينها وتنظيمات الهامش المسلحة أصبح حواراً دائرياً يتسع قطره كل مرة، وتزداد منابره باضطراد، دون أجندة صمدية، ودون سقوفات زمنية، الأمر الذي ولّد اليأس وخلق عدم الثقة في سلامة قدوم الجنين من رحم الغيب.
تكرار المجازر الشبابية الموجعة للأفئدة، وتكرار البلاغات ضد قتلة مجهولين، يستوجب إعادة النظر في جدوى وأحقيّة العسكر بحقيبة الداخلية، المعنية بخلق الطمأنينة في قلوب الأمهات، وبسط الأمن في ربوع البلاد، إذ أننا بتنا مقتنعين، أنّ الوضع لن يتغير البتة، وأنّ قنص الأطفال كالأرانب، لن يتوقف ما لم يحدث تغيير جذري في عقلية من يتولى هذه الحقيبة، وكذلك حقيبة العدل والنيابة العامة، ولن تكون الدولة مدنية دون سحب هذه الحقائب من العسكر ومن الكيزان.
ebraheemsu@gmail.com
//ابراهيم سليمان//


ليست هناك تعليقات: