الجمعة، مارس 02، 2012

رُب محرّض قد ينتفض

رُب محرّض قد ينتفض

إن كان المثل القائل:"المحرّش ما بداوس" صحيحا لما أمر المولى جل وعلا المصطفى (ص) بتحريض المؤمنين على القتال، وما دام ذلك كذلك، فالشعوب المظلومة والشباب المسلوب الإرادة اولى بالتحريض على الانتفاض المستحق ضد الظلمة والمفسدين، ورغم ظلم الإنقاذ للشعب السوداني بكافة مكوناته، الكل يلتفت إلى الشباب ويرمقه بنظرات تحريض على إشعال فتيل التحرير والإنعتاق من معتقلات الإنقاذ الضخمة بحجم الوطن.


وقد تضاعفت الآمال المرجوة من الشباب السوداني في ظل هبوب رياح كنس الأنظمة القمعية، فقد إنتفض الشباب المُنّعم في تونس والبحرين، وإعتصم شباب البدو في اليمن، وهؤلاء يعتبر قادة بلدانهم ملائكة بالمقارنة لقادة الإنقاذ، ينتصر عديمي التجارب ولا يزال أصحاب الخبرات المتراكمة تلاحقهم عصي الجلاد زنقة زنقة وغرفة غرفة ولا حيلة لهم سواء الصراخ إلى المنظمات الدولية! ولم تتعدى مطالبهم إقالة مدراء الجامعات!

الشباب العربي في مصر وسوريا وليبيا جميعهم مثل الشباب السوداني أبناء تسع أو تقل، ويقيننا من بين شبابنا المئات في وعي وائل غنيم، والعشرات من سيدات السودان وفتياته في صلابة وعناد توكل كرمان، فعلاما "الجرسة" علاما وهذا الخذلان علاما؟ على الطالب الجامعي السوداني الشباب عامة أن يركز في الشارع و"ينجض" في الساحات إتساقاً مع ماضيه وتماهياً مع محيطه.

ماذا حل بالشباب السوداني؟ لمَ لا يأبه لمستقبل بلاده الذي يعبث به نظام الإنقاذ تفتيتاً لترابه وتمزيقا لنسيجه الإجتماعي، كيف ينام الشباب وروائح الفساد الإنقاذي معطون في كافة أجهزة الدولة؟ ينتظر التغيير ممن وهم أصحاب الجلد والرأس من مستقبل البلاد؟ لماذا يخشون تعطيل الدراسة والبطالة تنتظرهم على أبواب الجامعات؟

ماذا بوسع أجهزة نافع أن تفعل بهم؟ السجون دخلها الأنبياء، والمعتقلات تصقل الرجولة، والمشيء جنب الحيط لن يطيل الأعمار، والإقدام لن يقصرها، فما نامت أعين الجبناء، ما أنجزه الطالب محمد عالم بوشي في ربع ساعة زمان، لم ينجزه حزب البعث منذ أن تأسس، فقد صار بطلا ورمزاً من الرموز الطلابية، وإزداد طولا ولم ينقص عرضاً، أجهزة النظام الآن ترتعد وهي تعلم انها مرصودة دولياً، وقياداتها منقسمة على نفسها. في الحقيقة الإنفاضة ملقاه على قارعة الطريق والشباب اولى بها، وعليهم عدم ترك الآخرين هندسة مستقبلهم.

لقد أنشد الشاعر العملاق محجوب شريف (متعه الله بالصحة العافية) أنشد باسم الشباب الشجعان قائلا:

وحيات الشعب السوداني

في وش المدفع تلقاني

وديني محل ما توديني

أرميني في سجنك وإنساني

وتساءل الشاعر الكبير ود المكي بالإنابة عنهم قائلا

من غيركم يعطي معناً لهذه الشعب أن يعيش وينتصر؟

التقاعس عن إنجاز واجب مستحق عاراً لا يضاهى، و الغبائن المحفزة الشباب السوداني "للدواس" الحضاري فائض عن الحد المطلوب، ففي إكتوبر مجرد التلميح بالخيار العسكري لحل مشكلة الجنوب كان كافياً لتحدي اقوى كمندان بوليس عرفه السودان وهو أحمد ابارو واسقط نظام الجنرال عبود، والآن الإنقاذ فصل الجنوب بدم بارد، ونفس الأيادي تتغلغل وسط ما تبقى من المكون السوداني لفصل أجزاء اخرى وتنازل عن أراض شاسعة في حلاليب والفشقة والشباب لا يحرك ساكنا، النميري لم يفرط في شبر من أرض الوطن، ولم يعبث بقومية الخدمة المدنية والعسكرية، كل ذلك لم يشفع له عندما استشرى الفساد وساد التخبط التشريعي فتجدد اكتوبر في إبريل.

ماذا تعلم الطلاب من دورات عزة السودان؟ هل تمكن جنود النظام ومنظريه الفاشلين غسل أدمغتهم ونزع شجاعتهم في بضع اسابيع؟ الكثيرون توقعوا أن ينقلب السحر على الساحر ولا يزال هذا التوقع قائماً، لقد هجر الشباب الليبي متابعة دراسته في الخارج لنصرة إنتفاضة بلادهم وقد كانت، وأطفال سوريا هم الأكثر إستشهاداً في ثورات العالم. في مناسبة تأبين المحامي الراحل الصادق الشامي بلندن صعد المنصة طفل في حوالي العاشرة من عمره عرف نفسه بأن اسمه احمد، حفيد الشهيد محمود محمد طه، وقال: ذهبت إلى السودان وخرجت في الشارع اصيح الشعب يريد اسقاط النظام، لم ينضم إلي أي طفل ولم يعتقلني أحد فعدت إلى منزلنا محطبا.

أظن القليلون من تعاطف مع طلاب جامعة الخرطوم خلال تنكيل الشرطة بهم مؤخراً وهم في سبات عميق بداخلياتهم، ولا شك عندنا أن الكثيرون قالوا: "هم نايمين ليها لي شنو" وطالما ليس بد من تكسير عظام الطلاب، فمن العار أن يكون بلا ثمن، والأشرف لهم ولذويهم أن يكون في الشارع التّواق إلى حراكهم، لقد تخلفوا بعض الشي عن الركب ولكن لا يزال الرهان عليهم مضموناً ورابحا في نهاية مطاف الربيع العربي، ان كنا حقا عربا.

آفاق جديدة/ لندن

















ليست هناك تعليقات: