السبت، يناير 31، 2009

إتفاق الأمة والوطني الدوافع والمآلات - 7-3-2008م

بتوقيع إتفاقه الثاني مع حزب المؤتمر الوطني يكون حزب الأمة القومي قد نأى بنفسه أن يكون طرفاً في إشعال فتيل الحريق فيما تبقى من أرض الوطن المشبع بذرات المواد عالية الإشتعال ، ليس عملاً بمبدأ الجري قبل الشوف رجاله ولكن إستباقاً للمرحلة الحرجة والتي من المتوقع أن ترتفع خلالها درجات حرارة الوطن إلى أعلى مستوياتها في غضون الإثني عشر شهراً القادمة ، هذا التصرف المسئؤل ينسجم مع تاريخ هذا الحزب الوطني العريق ، وإن عزز هذه الخطوة بطلب تأجيل الإنتخابات المرتقبة عن موعده المضروب النصف الأول من العام القادم ريثما يسترد أهل دارفور إستحقاقاتهم العادلة أو مقاطعته يكون حزب الأمة قد رفض في إباء مجاراة سفهاء حزب المؤتمر الوطني القافزين فوق جراحات الوطن والناعقين للمنازلة فوق ترابه بكافة وسائل الدمار الشامل بعد أن طوقهم اليأس وحاصرتهم القناعة بإستحالة إستدامة السلطة والصولجان لهم عملاً بمبدأ الإنتحاريين علىّ وعلي أعدائي ومكان الرهيفة (تنقد) فالإتفاق مسوغ مقنع للمقاطعة حال عدم الإيفاء بإستحقاقاته الضرورية لإجراء تداول سلمي للسلطة.

أعضاء حزب الجبهة الإسلامية بكافة تقليعاته لم يعرف عنهم التصرف بمسئولية وطنية طوال تاريخهم القصير ولائهم للحركة الإسلامية العالمية حتى بعد ان رفع الواقعيون منهم الفاتحة على روحها ، منهجهم الإنتحازية والنفاق السياسي وديدنهم التسلق بغية التدمير ، وترجلوا عن صحوة الدين وإمتطوا القبلية والجهوية ، إمتحنوا الإستثمار في تجارة الذمم وإحترفوا الإرتشاء وهم على إستعداد لإرتكاب ما لا يخطر على بال بشر من أجل منع التاريخ من أن يعيد نفسه بخذلانهم إنتخابياً كما عام 1986م

حزب طفيلي هكذا تاريخه لا ينبغي لحزب الأمة تحديه في منهجه من أجل السلطة ، مهادنة هذا الجاهل الأرعن وتهدئة روعته هو التصرف المسئؤل ومقاطعة الإنتخابات القادمة حال غدره وإحراجه أمام الشعب السوداني والعالم أجمع أفضل بألف مرة من التحالف معه أومجاراته في دمويته وقذارة مسلكه فلا أحد يتوقع من حزب المؤتمر الوطني إحترام هذا الإتفاق الثاني من نوعه مع حزب الأمة بعد أن نكث بإتفاق نداء الوطن بجيبوتي وجميع من وقع معه إتفاقيات يشتكي لطوب الأرض من قوة عين كوادر هذا الحزب الكارثة.

ما الذي يرغم أمثال نافع على نافع تهيئة أجواء مناسبة لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة وهو العالم بجرائم حزبه في حق الشعب ؟ قد يكون في قلب رئيس النظام ذرة وطنية دفعت به لتوقيع هذا الإتفاق توطئة لإجماع وطني شامل إلا أن هذه الذرة إن وجدت سوف تتلاشي طالما أن الأغبش إبن الأغبش نافع على نافع هو زراعه الأيمن وممسك بكافة مفاصل الدولة والحزب كما ، أن إبعاد د. مصطفى عثمان عن ملف الإتصال يدحض صدقية الحزب نحو التوجه القومي ومطلوب إجراء غربة ناعمة على طاقم الحزب تأكيداً لحسن النوايا ، إلى ذلك الحين يكون التفسير المقنع هو أن حزب المؤتمر الوطني المدرك لمقالب الصناديق الحرة والمتابع لتفشي قاعدة (آكل تورك وأدي زولك) تفشي النار في الهشيم فكلما حدق أعضاء المؤتمر الوطني في هامات الغلابة إرتسمت لهم هذه المنهجية بكل وضوح على محياهم ، وهم يدركون أن جماهير حزب الأمة العريضة عصية على التبديل يؤمنون بمبادئ تنظيمهم إيمان العجائز وأن هذا الحزب (العكليتة) يتمارض ولا يموت ، يعاني الإفلاس ولكن ليس معدوماً ، تكمن قوته في نزاهة كوادره و زهدهم في السلطة وإستقلالية قراره حاكما ومعارضاً ، صلابة كوادره ومتانة مؤسساته التنظيمية لا تدعان مجالاً لإنجراره وراء نزوة شخص أو عاطفة مجموعة ، حزب المؤتمر الوطني يدرك أن هذا الحزب يختبئ تحت الرماد وهو المعني تحديداً بالمعارضة الوطنية في الوقت الراهن والمرجح أنهم يقصدون بهذا الإتفاق الأخير إستدراجه للمشاركة في الإنتخابات من أجل إصباغ الشرعية فقط لا غير ، فهم يعتزمون التزوير بكافة أشكاله وهي الوسيلة الوحيدة لتأجيل فطام حزبهم عن إيرادات البترول وكنسهم من مفاصل الدولة ، العنف المفرط نصيب من يثور وينتفض وقد قالها نافع : سوف نكتسح (أي نزور) الإنتخابات ونحميه ، يعتزم هؤلاء الجهلاء الجهالة فلا ينبغي مجاراتهم بدخول معركة غير متكافئة فلا أحد يستطيع منعهم من إستغلال إمكانيات الدولة في التزوير المباشر والغير المباشر وإستخدام قوتها القمعية في التنكيل، سوف يلتفون على هذا الإتفاق لا محالة وإلا كانت عبر لجنة جمع الصف الوطني ومع كافة التنظيمات المعارضة الأخرى وليست عبر الإتصال المباشر بين الحزبين ، أنسب مكان لهم للتحلل من الإتفاق هو عرض البحر إذا بلع خصمهم الطُعم وركب معهم موجة الإنتخابات عندها يستعصى الترجل عنها فيقول له اشرب من موية البحر ، في تقديري إلى أن يمتلك حزب الأمة وكافة القوى الوطنية المعارضة آليات سلمية مطمئنة ترغم النظام على إجراء إنتخابات حرة ونزيهة في أجواء معافى وفي كافة ربوع السودان إلى ذلك الحين التصرف المسئؤل هو المقاطعة وأي شئ غيرها يعنى إما تحليل حقوق الشعب ودماؤه للنظام أو مجاراة الجهلاء الغير وطنيون في إحراق البلاد والعباد.

ما أكدته قيادات حزب الأمة عدم المشاركة في السلطة إلا عبر إنتخابات حرة ونزيهة في عموم البلاد وما تركوه عائما التحالف إنتخابياً مع حزب المؤتمر الوطني وهى لا تقل شناعة من مشاركته السلطة دون تفويض من الشعب.
ibrahimbasham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: