الخميس، أكتوبر 28، 2010

حوار د. محمد أحمد منصور ـ الجزء الثاني


حوار د. محمد أحمد منصور ـ الجزء الثاني
· آن الأوان للإستغناء عن منصب الأمين العام والإستعاضة عنه بالمكتب المركزي.
· الخروج من عباءة الحزب والمشاركة فى نظام شمولي لم تحمل أي منفعة عامة غير المصلحة الذاتية.
· العمل المعارض يجب أن لا توضع له سقوف أو يتم حصره تحت مسمى جامد.
· الدولة المدنية تمثل طرحا يطمئن المسلمين وغيرهم بان حقوقهم محفوظة ومرعية.
· المؤتمر السابع دلل على الوعي والحس القومي لجماهير الحزب، وتبني فكرة التمييز الإيجابي لأبناء دارفور.
· التضحية والتأهيل خارج نطاق الأفضلية القيادية بحزب الأمة.
· من أدواء الحزب، تواصل الشلليات والتواصل الانتقائي.
· من أثبت تفانيه وقدرته من أبناء الأمام وأصهارة لا يحق لنا أن نغمطه حقه ولكن...
· لهذا السبب لم أبايع.
· دفعنا ثمناً باهظاً دفاعاً عن فصل الرئاسة عن الإمامة.
الدكتور محمد أحمد منصور نائب أمين المهجر وعضو الهيئة المركزية العليا بحزب الأمة القومي كادر مصادم وقيادي جسور، مزج التحصيل العلمي والخبرة الإكاديمية بالممارسة السياسية المتراكمة، رجل إستطاع الإحتفاظ بحرارة الشخصية السودانية الأصلية وحفاوة إنسان كردفان الشهم رغم طول بقائه وسط برودة المجتمع الإنجليزي بشكل عام، من مواليد ابوزبد بشمال كردفان، درس الإقتصاد بجامعة الخرطوم، ونال الماجستر (إقتصاد زراعي) والدكتوراة (تسويق) من جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، ترأس قسم العلوم الإدارية بجامعة إم درمان الإسلامية، كما عمل مديراً للمكتب التنفيذى لوزارة المالية – بالانتداب خلال الديمقراطية الثالثة، وباحثا ومحاضراً بجامعة ويلز بالمملكة المتحدة والآن يعمل مستشاراً إقتصادياً بلندن، شارك في إنتفاضة شعبان 1973 وحركة المقدم حسن حسين وإنقلاب محمد نور سعد، أجرينا معه حواراً شاملاً وساخناً رد خلاله بإجابات لا تنقصها الصراحة عن تساؤلات ظلت تدور في أذهان الكثيرين، منها ما تتعلق بالمواقف والشأن التنظيمي لحزب الأمة القومي، ومنها إيضاحات لإستفهامات ظلت منتصبة فوق الساحة السياسية دون الحصول على إجابات شافية
في الجزء الأول من الحوار أوضح د. منصور أن البيان الأول لنظام مايو كفل تعبئة العمل المعارض بمشاعر المصادمة بكافة الوسائل، وأن المحاولات الإنقلابية لنظام مايو قد بلغت خمس وعشرين محاولة، وأشار إلى أن إنقلاب حسن حسين تنصلت عنه بعض القيادات، ووصفت الحركة زورا وبهتانا بالعنصرية وكشف د. منصور أن خطة خروج الشهيد عباس برشم لم تكن من تخطيط ولا مسؤلية حزب الأمة، وإن إعتقاله قد تم بالصدفة وأشار إلى أن ابو القاسم م. إبراهيم كان يرغي بالسباب بألفاظ عنصرية لحظة إعتقال وإعدام الشهيد برشم، ومن جهة أخرى أوضح أن جبهة الميثاق جيّرت مصالحة 77 لصالحها بينما إصتدم حزب الأمة بالكثير من العقبات وفي معرض دفاعه عن زميله د. بشير عمر فضل الله ذكر أنه عفوي في تعامله مع الناس وصارم فوق ما إعتاد عليه السودانيون ولم يستبعد د. منصور أن يفاجأ الشعب السوداني بهبة طلابية تحت ظرف سياسى معين.

مواصلة لما إنقطع من حوار
· د. منصور هل تعتقد أن كل الذين غادروا صفوف الحزب مخطئون أم تجد مبرراً للبعض؟
قبل البدء في مواصلة الحوار أود الإشارة إلى أنني ذكرت في الجزء السابق أن محي الدين هو الابن البكر لأحمد برشم شقيق الشهيد عباس برشم والصحيح أسمه نصر الدين، كان ضابطا بالقوات المسلحة فطالته يد الإنقاذ الآثمة بالفصل من الخدمة ولكنه يعمل الآن في الأعمال الحرة، نعتذر عن هذا الخطأ وهذا ما لزم تصحيحه.
أما عن مبررات الذين غادروا صفوف الحزب فلا شك أن الانتماء السياسي يقوم في الأساس علي القناعات، أيديولوجية كانت أو برامجية كما أن هناك الطموح الذاتي وبخاصة ذوي التطلع لتحقيق مصلحة ذاتية بشكل رئيس. كل تنظيم سياسي توجد به مجموعات ممن يمكن تصنيفهم تحت المسميات الثلاث هذه وحزب الأمة القومي غير محصن من وجود الفئة الثالثة وهى الأكثر عرضة للتقلب بين حزب وآخر. رجوع الحزب إلي الداخل تحت مسمى الجهاد المدني بالطبع أحدث حراكا داخليا بين مؤيد ومعترض ولكل منطقه في ذلك، ولكن ما لم يكن واردا هو أن تنشق قيادات من الصف الأول لتنتمي إلي ذات النظام الذي حملت هذه القيادات السلاح لقتاله، كما أن هذا النظام لم يحدث أي تحول نحو الانفراج في كفالة الحريات العامة ورد بعض المظالم وبخاصة الذين تم فصلهم تعسفيا من الخدمة العامة والقوات المسلحة. إذا لم يكن الخروج من عباءة الحزب والمشاركة في نظام شمولي تحمل أي منفعة عامة غير المصلحة الذاتية. وكما أسلفت فالإنسان يصنف نفسه وفقا للمواقف التي يقفها في مسيرته السياسية. ولا مجال للحكم عليهم بمنطق الخطأ أو الصواب وإنما بالمعايير الثلاثة للانتماء الحزبي.

· قد يفهم من كلامك أن الأوضاع داخل أروقة الحزب عال العال ولا يوجد ما يغري بالمغادرة سوي الانتصار للمنفعة الذاتية هل هذا ما تقصده؟
علي العكس تماما، أهم المبادئ التي يقوم عليها الحزب مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامته والحفاظ على القيم الدينية السمحة ونبذ العنف والتكفير كل هذه القيم والمبادئ مسلوبة وبالقوة من جماهير الشعب السوداني. عليه، فكل من آمن بهذه القيم النبيلة وانضم إلي حزب الأمة القومي علي أساس انه الحزب المؤهل لتحقيق والحفاظ علي هذه القيم يصير لزاما عليه أن يقف مع الحزب - ومهما كانت الظروف داخل الحزب أو خارجه – حتي تتحقق هذه المبادئ أو علي أقل تقدير يتهيأ المناخ المناسب لتحقيقها. فإذا تخلى شخص ما عن الحزب تحت هذه الظروف فان إنتماءه للحزب في الأساس حسب رأيي يصير مشكوكا في دوافعه سوي المصلحة الشخصية والمصلحة الشخصية فقط. هل يستقيم عقلا أن تكون قياديا في حزب ما وتعارض نظاما شموليا لدرجة حمل السلاح ضده ثم تأتي وتنسلخ عن حزبك وتكون جزءا من النظام الشمولي الذي حاربته دون أن يحدث مثل هذا النظام أية تغيير فيما يخص الحريات العامة وصون كرامة الإنسان؟ الوضع الطبيعي أن تقف مع حزبك وقت الشدة والأزمات داخلية كانت أو دخيلة عليه ثم بعد الخروج من المحنة يكون لكل حادثة حديث.

· ما الفرق بين الدولة المدنية التي ينادي بها الحزب و النظام العلماني؟
في إعتقادي أن الجدل بين دعاة الدولة الدينية والدولة العلمانية هو جدل قام في الأساس بين تيارين أحدهما أقصى اليمين والثاني أقصى اليسار. كل تيار من هذين التيارين كان يسعى لبلوغ الهيمنة علي نظام للحكم تتحكم فيه الإيديولوجية التي تشكل أساس تكوينه. الواقع والتجربة برهنتا على أن كلا من التيارين فشل فى تطبيق أطروحاته عندما تهيأت له الفرصة فى إدارة دفة الحكم. فالدول التي قامت على أطروحات علمانية بحته انهارت تماما مثل الاتحاد السوفيتي السابق، وتلك التي حاولت تبنى طرح ديني صرف دون مراعاة لحقوق الغير فشلت أيضا. وفى السودان عشنا التجربتين وان كان تطبيقهما بدرجات متفاوتة فى المدى الزمني وحدة التوجه الايديولوجى. بالنسبة لليسار فقد كانت بدايات انقلاب مايو 1969 هي الفرصة التي أحس فيها اليسار أنه قد تمكن من سدة الحكم وأن الفرصة مواتية لأدلجة الدولة (مع بعض التحفظات فيما يتعلق بالعقيدة) بحيث يتطابق النهج التنفيذي مع التوجه الايديولوجى وقد جسدت قرارات التأميم والمصادرة العشوائيتين قمة التوجه الايديولوجى، أما على الصعيد السياسي فقد كان واضحا أيضا نهج النظام الحاكم سواء فى علاقاته الخارجية إبان عنفوان قطبي المواجهة الدوليين فى ذلك الوقت، أو داخليا باستهداف ما أسموه بالقوى الرجعية بحل الإدارة الأهلية وتحجيم العمل الطلابي الموالى لمعاقل الرجعية باستحداث ما سمى ب "سكرتارية الجبهات التقدمية" وهى ذراع النظام الذي حل محل اتحاد الطلاب المنتخب ديمقراطيا والممثل فيه كل التيارات بما فيها اليسارية وفقا لنظام التمثيل النسبي. تيار أقصى اليمين تجسد فى نظام الإنقاذ فى مسيرته التي فاقت العشرين عاما حتى الآن- بدأت السلطة بشعارات جهادية إقصائية بحيث ساد شعار " من ليس معنا فهو ضدنا" فتمت أدلجة الحرب فى الجنوب وأنطلق ما سمى بالمشروع الحضاري وقد آل الحال إلى ما نحن فيه من تمزق يتهدد الدولة وبقائها موحدة واستشراء الفساد وانحدار السلوك العام – وهى مظاهر تتناقض وجوهر الإيديولوجية التي يرتكز عليها القوم فى مشروعهم الحضاري.

فهمي المتواضع لمعنى الدولة المدنية هى أنها عبارة عن عقد إجتماعي تكون فيه المواطنة هى أساس الحقوق والواجبات، بحيث لا يغمط أي مواطن حقه بناءا علي عقيدته أو عرقه أو لغته أو غير ذلك من المعايير، مما يكون سببا في التمييز بين مواطني الدولة الواحدة. كما أن الدولة المدنية لا يستقيم لها حال إلا إذا كانت تحت نظام تعددي تسوده الحريات ذلك لان الأنظمة الشمولية لا تراعي كثيرا في تشريعاتها ونظم إدارتها الرأي الآخر، فهى تنطلق في تشريعاتها ونظام إدارتها لدفة الحكم من منظور الحفاظ علي هيمنتها واستمرارية حكمها. أما في الدولة المدنية ووفقا لتطور دور الحكومة في إدارة الشأن العام تنشأ قضايا خلافية حول القوانين والتشريعات والنهج الاقتصادي والمناهج التعليمية وخلاف ذلك مما هو مرتبط بالأمور الحياتية للمواطن. ففي جانب التشريع وبخاصة قانون العقوبات مثلا ينشأ الجدل حول ما إذا كانت الفئة المسلمة من مواطني تلك الدولة يفضلون تطبيق الحدود الشرعية كعقوبة مقابل مطالبة غير المسلمين بتطبيق قانون عقوبات لا يشمل مثل هذه الحدود. في الجانب الاقتصادي أيضا ينشأ الخلاف حول النظام المالي عموما وتطبيق سعر الفائدة والصيغ الإسلامية في المعاملات المالية. هذه المسائل يظل الخلاف حولها قائما ومتجددا ولكن الدولة المدنية تسعي جاهدة لمقابلة مطالبات كل فئة بحيث لا يكون فيما يتم تبنيه من قانون أو نظام مالي ضررا على فئة دون أخري. مثل هذا التفاعل لا يتم إلا إذا كان نظام الحكم تعدديا ويتم تداول السلطة فيه سلميا. لذا فان تبني حزب الأمة القومي لخيار الدولة المدنية يمثل طرحا يطمئن المسلمين وغير المسلمين بان حقوقهم محفوظة ومرعية فهم مواطنون في المقام الأول لهم حقوق أساسية لا تنتقص وعليهم واجبات متساوية.

· هل الجهاد المدني هو آخر آليات حزب الأمة لتخليص البلاد من قبضة الشمولية؟
من المؤسف أننا ومنذ مجيء هذا النظام الباطش شغلنا أنفسنا باستحداث مصطلحات في القاموس السياسي لها وقع علي الإذن ولكنها للأسف خاوية من المضمون (مثل الجهاد المدني، وتهتدون، وتفلحون، والتراضي الوطني، والإجماع الوطني) وغيرها من المصطلحات التي كان منبعها حزب الأمة القومي والقيادة علي وجه التحديد. حقيقة الأمر أن هناك فئة استولت علي مقاليد الحكم بقوة السلاح وفرضت نظاما باطشا ومتجبرا ومن ثم فانه من باب فرض الوجوب أن يهب كل غيور علي حرية الإنسان وكرامته للدفع عن هذه الحقوق واستردادها كاملة غير منقوصة. ولهذا تكفينا كلمة معارضة والمعارضة قد تأخذ إشكالا شتي بدءا بالوسائل السلمية المتمثلة في التظاهر والإضراب والمنشورات وغيرها من وسائل تحريك الرأي العام لخلق حراك سياسي يرجى منه تغيير نظام الحكم الباطش بنظام ديمقراطي تصان فيه الحقوق السياسية والاقتصادية للمواطن. لذا فان العمل المعارض يجب أن لا توضع له سقوف أو يتم حصره تحت مسمى أو مصطلح جامد. درجة استجابة النظام المستبد لمطالبات الجماهير بحقوقها هي التي تحدد نوع ووسيلة العمل المعارض.
رأيي الشخصي هو أن تظل كل الخيارات مفتوحة فان جنح النظام للسلم جنحنا له وأن أراد غير ذلك فيجب أن نكون مستعدين لكل احتمال، أما أن نظل نطرح المبادرة تلو المبادرة ونقيم الندوات السياسية التي لا تتعدى أسوار دار الأمة فوالله إنما ذلك كمن يمنح المسكنات القوية لمريض يحتضر.

·حزب الأمة القومي وقع مع هذا النظام اتفاق جيبوتي في 2000 وانخرط فيما أسماه (الجهاد أو الكفاح المدني) ماهي حصيلة هذا الجهاد؟
لا شيء، وستظل حصيلته لا شيء لان نظام الإنقاذ يعلم جيدا أن هذا الشعار ليس له ناب بغض ولا رجل تركل.

· ارتبط مفهوم الجهاد في الآونة الأخير بالإرهاب، ألا ترى أن رفع حزب الأمة شعار الجهاد المدني قد يُساء تفسيره ويضر بوسطية مواقف الحزب؟
مصطلح "الجهاد المدني" شعار أستخدمه الحزب للتعبير عن تبنيه للوسائل المدنية السلمية لاستعادة الحريات والتعددية وحكم القانون وهو شعار لا يحمل دلالة حركية أو معني للتطرف والانكفاء الديني – وعلي كل الجميع يعلم الآن أن هذا الشعار كغيره صار خال من المضمون ولهذا لا أعتقد أن أحدا سوف يصنفه في خانة الإرهاب.

· يرفع حزب الأمة شعار الجهاد المدني، وفي الوقت نفسه يؤيد القرار 1593 الذي يخول مجلس الأمن الدولي التدخل العسكري في السودان وفي دارفور عند الضرورة، هل ترى أن هذه المواقف متسقة؟
بالطبع لا، مأساة دارفور كان من الممكن أن يعمل النظام علي حلها سياسيا منذ اندلاعها وعلي أسوأ الفروض بعد توقيع اتفاقية نيفاشا التي كان من الممكن أن تتخذ (رغم بعض عيوبها) كمعيار لحل قضايا الهامش سواء في الشرق أو في دارفور وغيرها من المناطق في السودان. ولكن النظام آثر إتباع الحلول العسكرية وبالتالي جلب علي نفسه أجندة المجتمع الدولي منها الصادقة ومنها ذو الغرض ويقيني أن القرار 1593 وما تبعه من قرارات وإجراءات كان يهدف في جوهره إلى حماية أرواح مواطني دارفور بعد أن فشلت الحكومة في حمايتهم بل وصارت متهمة في نفسها بارتكاب جرائم ضدهم. حزب الأمة القومي أيد القرار 1593 ويجب عليه أن يمضي في الاعتراف بالقرار وكل ما يترتب عليه من تبعات بما في ذلك المحاكمات إلي أن تحل قضية دارفور ويعود للإقليم أمنه واستقراره.

· بصفتك عضو الهيئة المركزية ما هي بدائل حزب الأمة لعضويته من الشباب والخريجين الجدد الذين يتطلعون لتكوين ذواتهم في ظل إحتكار حزب المؤتمر الوطني لسوق العمل ومحاصرته لمجالات الأعمال الحرة؟
سألت عن أمر حيوي وهام ولكن آخر من يمكن أن يجيبك عليه هو شخصي الضعيف. بل وأضيف إليه سؤالا آخر: متى كانت لحزب الأمة القومي برامج مستهدفة لتنمية القدرات الذاتية أو المالية لكوادره؟ الحمد لله نحن حزب أكرمه الله بالنهج الانصاري الذي يجعل المؤمن بهذا النهج يعطي بلا مَن ولا يرتجي مقابل، أناس خلِّصٌ ولهذا ظل الرافد الانصاري هو الركيزة التي يستند عليها الحزب وقت الأزمات. عندما يحتاج الأمر إلي ذوي العزم والثبات فسوف يهبون وكانى بهم يمتثلون قول الشاعر الجاهلي ( لي النفوس وللوحش العظام وللخيالة السلب)، فخيالة السلب لدينا منهم أعداد مقدرة لا يظهرون إلا عندما تكون الأمور سالكة.

· كنت عضواً بالهيئة المركزية التأسيسية للحزب بعد انتفاضة رجب 1985 لماذا لم يضع حزب الأمة الدستور دائم للبلاد كأولوية خلال فترة حكمه في الديمقراطية الثالثة؟
الديمقراطية الثالثة ورثت تركة مثقلة من نظام مايو المباد وكان الجهازان التنفيذي والتشريعي في حالة سباق محموم لمعالجة بعض القضايا الأساسية مثل إرجاع المفصولين في العهد المايوي إلي وظائفهم ومعالجة هيكل الأجور والمرتبات الذي جعل منه وبكل أسف التجمع النقابي موضوعا للمزايدة السياسية وهناك الحرب الدائرة في الجنوب والتحرك الدءوب لإيجاد مخرج سلمي منها هذا فضلا عن تعديل قانون العقوبات (أو ما عرف بقوانين سبتمبر) أعتقد أن كل هذه القضايا كانت سببا في إرجاء الشروع في وضع دستور دائم للبلاد. ثم إن المناخ السياسي وتركيبة الجهاز التنفيذي ربما كانت أحدى الأسباب في عدم الشروع في وضع دستور دائم. قناعتي الشخصية هي أن أية محاولة لوضع دستور دائم يجب أن تتم أولا في ظل نظام ديمقراطي تعددي ومستقر بحيث لا تكون البلاد في حالة حرب، أو تحت ظل ائتلاف هش، أو خارجة من تجربة شمولية حديثا. ما لم تتوفر هذه المقومات فان الحديث عن دستور دائم يعتبر غير واقعي – ويكفينا تجربة الدستور الدائم في ظل النظام المايوي وفي ظل الإنقاذ.

· هل ترى بأسا في جمع الإمام لرئاسة الحزب وإمامة الأنصار؟
نعم أرى باسا في هذا الجمع ولذلك لم أبايع، فقد كان هذا الجمع أحد مصادر الخلاف الرئيسة التي أدت إلى انشقاق الحزب منتصف الستينيات، وكان معظم الشباب ممن نالوا حظا من التعليم مع طرح السيد الصادق المهدي بضرورة فصل الإمامة عن رئاسة الحزب (وأرجو أن لا يفهم هذا بمفهوم فصل الدين عن الدولة) وقد دفعنا في ذلك ثمنا باهظا خاصة نحن الذين تربينا في الريف. آباؤنا وأجدادنا تبرءوا منا دينيا بل وبعض الناس تبرأ من أبوته لابنه العاق الذي ترك طريق الإمام وذهب إلي مجموعة المارقين علي النهج الانصاري (علي حد اعتقادهم). قناعتي الشخصية أن الإمامة في الدين من واقع الممارسة في السودان تكتسب هالة من الوقار تحد من حرية المريد في مقارعة الحجة بالحجة مع شيخه أو إمامه في العمل السياسي، وما أكثر ما يثير الخلاف في العمل السياسي. ثم إن كيان الأنصار ظل ومنذ مارس 1970 بلا إمام مبايع فما الذي استجد في العام 2003؟

· في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن نفوذ أبناء وأصهار رئيس الحزب، حسب تقييمكم هل منهم من تخطى الصفوف لتولي مناصب مؤثرة أم أن تدرجهم طبيعيا في سلم الترقي التنظيمي؟
سمعت بهذا القول وشهدت بنفسي بعض المواقف التي لم ترق لي في علاقة الندية التي يجب أن تسود في العمل السياسي لان العلاقات في العمل السياسي تقوم علي الإحترام والندية حيث الذي يتولى منصبا قياديا سواء أكان من أبناء السيد رئيس الحزب أو من أصهاره عليه أن يعلم أنه تولى هذا المنصب بإرادة الآخرين، فان هو استعلى عليهم انصرفوا عنه مما يعني في نهاية المطاف انه سيفقد هذا التمييز عاجلا أو آجلا (وكما يقول المثل لا تقطع الغصن الذي تجلس عليه وهو مثل يستعمله الانجليز بنفس المعني بعبارة Don’t walk out on to a branch and saw it off behind you). من أثبت تفانيه وقدرته علي القيادة لا يحق لنا أن نغمطه حقه سواء كان من أبناء رئيس الحزب أو أصهاره ولنعط كل ذي حق حقه أما الذي يريد أن يتسلق على أكتاف الآخرين فالزمن كفيل بقطع الغصن الذي يجلس عليه.

· أيهما يأتي أولاً في معاير الأفضلية القيادية في حزب الأمة التأهيل أم التضحية ؟
تجربتي ومراقبتي اللصيقة من داخل الحزب خلال الأربعة عقود الماضية لم تكشفا لي أن التأهيل (ولا أعني به التأهيل الاكاديمي وإنما القيادي) أو التضحية تشكل معايير كافية للترقي في سلم القيادة داخل الحزب، في إعتقادي أنه وفي أغلب الأحيان إن لم تكن في كلها تغلب العلاقات الشخصية والرحمية والقرابة علي اتخاذ القرار فيما يخص من سيصعد السلم ومن سيهبط والأمثلة كثيرة لشخوص لم نشهد لهم تأهيلا ولا تضحية ولكن آل إليهم مصير الحزب وجماهيره فأوصلونا إلي ما نحن فيه الآن بل وبعضهم فارقنا والتحق بركب الشمولية.

·لقد قاطع حزب الأمة الانتخابات الأخيرة لعدم توفر شروط نزاهتها حسب البيان المعلن في حينه، ما هي آليات الحزب لتوفير الشروط المطلوبة في الانتخابات القادمة؟
لا توجد آليات مع وجود النظام الشمولي الحالي. فالذي يتحدث عن آليات ديمقراطية يجب أن تتوفر لدية الوسائط اللازمة لتفعيل هذه الآليات. بمعنى أنه لابد من وجود آلية محايدة تفتي بان هذا خطأ وهذا صواب – مما يعني وجود قضاء مستقل وخدمة مدنية محايدة وأجهزة أمنية قومية ومحايدة أيضا. النظام الحالي ممسك بكل هذه الوسائط تحت إبطه، فلمن سيحتكم حزب الأمة القومي أو اي حزب معارض آخر؟ هل سيحتكمون إلي المؤتمر الوطني وهو الخصم في نفس الوقت؟ يقيني أن الحديث عن التحول الديمقراطي السلمي وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وما إلي ذلك من وسائل العمل السلمي فيه ضرب من الخيال أو ما يسمى بأحلام اليقظة. الوضع بعد يناير 2011 ينذر بالمواجهة الخشنة في كل الأحوال سواء كانت نتيجة الاستفتاء على الوحدة أو الانفصال. فالوحدة تعني إحداث تغيير هيكلي وجذري في كل شيء، الدستور، جهاز الدولة من خدمة مدنية وقوات نظامية بل وتركيبة السلطة التنفيذية مما يعني أن ذلك كله سيكون خصما علي رصيد المؤتمر الوطني المهيمن على هذه المرافق وهذا يعني أنهم سوف لن يتخلوا عن ما اعتبروه حقهم الأصيل دون مقاومة. من ناحية أخرى فان الانفصال (لا قدر الله) سيولد حالة ذهنية جديدة في الشمال والجنوب معا والذين يتحدثون عن انفصال سلمي هم حالمون أيضا.

·على أي أساس تستبعد الإنفصال سلمياً؟
الذين يتحدثون عن إنفصال سلمى هم حالمون. فإذا أخذنا التجربة الهندية/الباكستانية مثلا وكيف أن كل ترتيبات انفصال/استقلال باكستان عن الهند تمت بمفاوضات بين رفقاء النضال والكفاح المشترك ضد الاستعمار الانجليزي المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو ومحمد على جناح وكيف أنهم اتفقوا (وإن كان على مضض) بإعطاء باكستان (حق تقرير المصير) وان كل ذلك سيتم بشكل سلمي ووفق ترتيبات معينة إذا ما اختارت باكستان الاستقلال عن الدولة الموحدة. عندما حدث الانفصال الفعلي تأججت مشاعر كانت مكبوتة لسبب أو آخر فضلا عن الاحساس التلقائي من كلا الطرفين بأنه الآن يملك الارادة الكاملة في تصريف شأن المنطقة الجغرافية خاصته وهو الذي سيقرر من سيبقي ومن سيرحل، فكانت الملايين التي تحركت من شرق شبه القارة الهندية إلى غربها والعكس كان صحيحا ولم تخلو هذه العملية من عشرات الآلاف من القتلى وإتلاف الممتلكات. إنفصال بنغلاديش عن باكستان، تشظي دول البلقان وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق كل هذه التجارب صحبتها أحداث دامية وما يزال بعضها مشتعلا. فالتفاؤل بانفصال سلمي للجنوب أيضا فيه ضرب من الخيال كما أن حدوث عنف سيولد نمطا للمعارضة السياسية قد يكون جديدا في أسلوبه ووسائله.

· تابع الشعب السوداني الأسلوب الراقي لاتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات الأخيرة، لماذا لم يتبع الحزب الأسلوب نفسه لاحتواء مشكلاته المتراكمة؟
قرار مقاطعة الانتخابات الأخيرة كان صائبا وأيدناه وثمناه كثيرا، ولكنه جاء متأخرا جدا لدرجة أنه أحدث إرباكا وسط مرشحي الحزب أنفسهم. هذا يدل علي أن هناك قصورا وضعفا في الجانبين السياسي والتنظيمي معا داخل الحزب، وهى نفس الأسباب التي قعدت بالحزب عن التصدي وحل مشكلاته المتراكمة منذ العام 2003 وحتي الآن.

· يعاني حزب الأمة وكيان الأنصار من ضعف قنوات التواصل مع قواعدهما رغم تطور وسائل التواصل، مقارنة بعهود سابقة، إلي اي شيء ترد هذا الضعف؟
من سخرية القدر أن يكون تواصل الحزب وكيان الأنصار بالقواعد أكثر كفاءة وأسرع وصولا عندما كانت وسائل الاتصال والموصلات أقل انتشارا وبطيئة نسبيا. في السابق وعندما كانت وسائط الاتصال والمواصلات بطيئة وشحيحة كانت منشورات الإمام تصل عن طريق الوكلاء إلي قواعد الكيان (والحزب بالضرورة) في كل أنحاء السودان. الآن وقد تطورت الوسائط وتسارعت كما البرق صار التواصل يأتينا باءتا أن لم يكن معتقًا. كانت في السابق الهمم عالية والنفوس صافية لان العمل العام داخل الحزب والكيان لم تطاله أدواء هذا العصر.

· هل بالإمكان أن تشخص لنا هذه الأدواء؟
التواصل بين مؤسسات الحزب المركزية وتلك القاعدية خاصة فى دول المهجر بدلا من أن يكون مؤسسيا أخذ اشكالا هى أقرب منها الى تواصل الشلليات أو التواصل الانتقائى مع أشخاص بعينهم للتواصل مع الداخل بجميع مستوياته. ولى تجربة شخصية فى هذا الخصوص قلتها للسيد رئيس الحزب فى أكثر من لقاء عام فى لندن وفى آخر مرة ذكرت له فيها هذا القصور، نادى على الحبيب محد زكي وطلب منه تدوين هذه الملاحظة وتوجيه الامانة العامة لهذا الامر ولكن حتى الان وبعد مرور عامين مازالت الممارسة هى نفسها بحيث يتم تجاوز المؤسسة المنتخبة من القواعد ويتم التعامل مع الأشخاص بحكم العلاقة ثنائية كانت او تحت اية تصنيف آخر.

· في يونيو 2008م انعقد مؤتمر سودان المهجر هنا بلندن وسط زخم إعلامي كبير ماذا نفذت من توصيات ذالك المؤتمر؟
مؤتمر المهجر بأوروبا كان فكرة ونتاج جهد جبار من كوادر الحزب بالمملكة المتحدة وايرلندا ومجلس المهجر وقد تهيأت الفرصة لحشد مقدر شمل قمة القيادات بالحزب بدءا برئيس الحزب والأمين العام وأمين هيئة شؤون الأنصار وقيادات من الأمانة العامة والمكتب السياسي، وكانت أجندة المؤتمر مفصلة بحيث تساهم في وضع الأطر العامة للعمل التنظيمي داخل الحزب ووضع إستراتيجية لخوض الانتخابات المرتقبة في ذلك الوقت وفق برنامج طموح يخاطب قضايا الكادحين من بني السودان، ولو اطلعت علي الأوراق المقترحة أو تلك التي قدمت للمست هذا التوجه الشامل. للأسف لم يتم استثمار هذا الجهد ولا مناخ الحريات التي انعقدت تحت ظله فعاليات ذلك المؤتمر للخروج بتوصيات متوافقة مع الأهداف الكلية للحزب، ما حدث هو أنه وحسب إعتقادي أن هناك أجندة غير تلك التي وضعناها للمؤتمر كانت هي الشغل الشاغل وبالتالي طغت علي أجندة المؤتمر. وتبعا لذلك لا أعتقد أن شيئا قد نفذ من توصيات ذلك المؤتمر.

· هل تتفق مع الذين يصفون رئيس الحزب بالتردد بعض الشيء؟
نعم.

· صاحب انعقاد المؤتمر العام السابع وتيرة استقطاب حاد وسط عضوية الحزب، برأيك هل هذا السلوك عمل إيجابي مطلوب، أم له جوانب سالبة تنظيمياً؟
جوهر العمل السياسي يقوم علي الاستقطاب والاستقطاب المضاد له، فالانتماء لحزب سياسي واحد لا يعني بالضرورة تطابق الأفكار والرؤى كل الوقت بين كل منسوبي ذلك الكيان وإنما يمكن أن تكون هناك كتل وتيارات وغيرها من مجموعات التقارب أو الضغط أو حتى مراكز قوى داخل الحزب الواحد، هذا شيء طبيعي وموجود في كل الأحزاب وفي أعرق الديمقراطيات، المطلوب هو أن تدور هذه الاختلافات في الرؤى داخل إطار الأهداف المحورية التي يعمل التنظيم أو الحزب السياسي علي تحقيقها. وجود تيارات وحالة استقطاب تحت ظرف معين عمل مطلوب لأنه يحقق الحراك والتفاعل السياسي المطلوبين ( لا تنسى أخي إبراهيم أننا أصلا موصومون بأهل الإشارة ونحتاج إلي بعض الفرفرة). ما يؤسف له هو أن يتم استغلال تفويض عام ومعين لتحقيق أهداف تخدم أجندة فئة دون أخرى داخل التنظيم الواحد – سواء جاء هذا التمييز عن قصد أو من غير قصد.

· من المسئول عن التجاوزات التي صاحبت المؤتمر السابع؟
إجابتي علي السؤال السابق تحمل في طياتها الكثير من الإجابات علي هذا السؤال. دستور الحزب نفسه يشوبه قصور واضح بحيث أنه يفتقر إلي الكثير من المواد التي تأطر لآليات فض الاختلاف متى ما وقع. كما أننا نفتقر إلي وجود اللوائح التنظيمية التي تحدد آليات وطرق المحاسبة من قمة الهرم إلي قاعدته. القصور في دستور الحزب ساعد علي نشوء المشكلة وغياب اللوائح التنظيمية التي تحاسب علي القصور ساعد استمرار الأثر التراكمي السالب داخل الحزب. أعتقد أنه قد آن الأوان أن يقوم حزب الأمة القومي بإجراء تغيير هيكلي يطال كل المستويات القيادية بحيث يتم الاستغناء تماما عن منصب أمين عام الحزب ويستعاض عنه بما يسمي بالمكتب المركزي (Central Office/Executive Office) تكون مهمته إدارية تنفيذية بحته وهذا النظام معمول به لدى كل من حزبي المحافظين والعمال في بريطانيا حيث يوجد ما يعرف برئيس مجلس إدارة الحزب وتتبع له كل الإدارات المالية والتنظيمية والإعلامية وما إلي ذلك من وسائل تسيير عمل الحزب. وقد تم تداول هذه الفكرة في الملتقى التفاكري الذي جرى في القاهرة في مايو 2010. النظام الرئاسي في الحزب أيضا يحتاج إلي إعادة النظر بحيث يكون منصب نائب الرئيس منصبا منتخبا وليس معينا وبحيث يجري انتخاب الرئيس ونائبه في بطاقة واحدة (كل من يترشح لمنصب الرئيس عليه أن يسمي النائب الذي سيختاره)، ويوكل للمكتب السياسي كل ما هو سياسي.

· برأيك ما هو الحل المناسب لتداعيات هذا الواقع؟
حل كل الأجهزة الحالية والدعوة لانعقاد مؤتمر إستثنائي في القريب العاجل.

· لكن الأمين العام للحزب الفريق صديق محمد إسماعيل ذكر في حوار صحفي فيما معناه أن دستور الحزب خال من عبارة: مؤتمر إستثنائي؟
الجميع علي قناعة بان هناك أزمة في الحزب قعدت به عن الاطلاع بدوره التنظيمي داخليا وشكلت عائقا لتفاعل الحزب مع القضايا السياسية للبلاد وبالتالي لابد من إيجاد مخرج من حالة الاحتقان هذه. فإذا كانت القنوات والوسائل الأخرى التي أتبعت لم تساهم بل عجزت تماما عن حل المشكلة إذا فلابد من اللجوء إلي الوسائل الاستثنائية، ثم إن مقترح المؤتمر الاستثنائي ورد علي لسان رئيس الحزب في وثيقة مخاطبة داخلية وهذا شيء مثبت، فهل رئيس الحزب على غير علم بدستورية المؤتمر الاستثنائي من عدمها؟ هذا بالإضافة إلي أن أية منشأة أو تنظيم لا يوجد لدية خطط أو وسائل بديلة لمقابلة الحالات الطارئة يجب عليه أن يعيد النظر في جدوي وجوده ابتداءً.

· ما المغزى من انحسار المنافسة لمنصب الأمين العام للحزب خلال المؤتمر العام السابع في قياديين أثنين من أبناء دارفور؟
لم تكن المنافسة محصورة بين قياديين فقط من أبناء دارفور وإنما كان هناك الحبيب الدكتور إبراهيم الأمين وهو من القياديين البارزين في حزب الأمة القومي ومن أبناء الجزيرة وكان منافسا قويا لولا الظروف التي صاحبت اختيار أعضاء الهيئة المركزية وبالتالي انتخاب الأمين العام. وعموما فإن وجود مرشحين لمنصب الأمين العام من إقليم واحد ويكونان علي قمة المنافسة فيه دلالة علي الدرجة التي بلغتها جماهير الحزب من الوعي والحس القومي وأننا في الطريق إلي تجاوز السلبيات التي كانت تعلي الولاءات القبلية والجهوية علي الولاء القومي – وربما أيضا الظروف المأساوية التي يمر بها إقليم دارفور جعلت جماهير الحزب تتبنى فكرة التمييز الايجابي لأبناء الإقليم.

· بصفتك السابقة كمسئول قطاع أوروبا بأمانة سودان المهجر، برأيك هل جمع الإمام لرئاسة الحزب وإمامة الأنصار يضر بسمعة الحزب خارجيا بأي صورة من الصور؟
نعم إلي حد كبير، وقد عبرت بعض الأوساط السياسية الأوروبية عن ذلك في بعض اللقاءات الخاصة.

· بصفتك نائب أمين المهجر، عدم تطابق رؤى سودان المهجر في بعض الأحيان مع مواقف قيادة الحزب في الداخل، هل هو نتاج عدم تناغم أم تبادل أدوار؟
مجلس المهجر كمجلس لا يعبر عن الرؤى السياسية لقواعد الحزب بالخارج ولا يشكل حلقةً للوصل السياسي بين القواعد والقيادة في الداخل وإنما يعمل كجهاز تنظيمي لتفعيل العلاقات البينية بين تنظيمات الحزب في الخارج والعمل علي تحقيق أهداف الحزب التي تقتضي التواصل مع كوادره في الخارج ومع المجتمع الدولي متى كان ذلك متاحا. كما أن الحزب في تكوينه وبنص الدستور هو حزب فدرالي وهذا يعني بالضرورة أن التنظيمات القاعدية تتمتع بقدر وافر من الاستقلالية في بلورة رؤيتها السياسية مع المركز كما أن هذه التنظيمات القاعدية ممثلة في مركز صنع القرار (المكتب السياسي) وكذا المهجر كتنظيم تابع للمركز.

· في الغالب مواقف الحزب تجاه قضايا الساعة تعلن من علو منابر خطب الجمعة، حسب تقديرك هل هذا مناسباً؟
لا، ليس مناسبا إطلاقا.

· أدان حزب الأمة هجوم حركة العدل والمساواة علي أم درمان في مايو 2008م وفي يوليو 2009م وقع معها اتفاق القاهرة بموجبه احتفظ كل طرف بوسائله لتحقيق السلام، هل هذا يعني أن حزب الأمة يؤيد الثورة في أحراش دارفور ويرفضها في المركز؟
لا أظن ذلك، فالحزب وفيما يتعلق بقضية دارفور متفاعل مع المأساة الماثلة في الإقليم بكل ما هو متاح له في الظروف الحالية ومنسجم إلي حد كبير مع ما تبناه من نهج الوسائل السياسية السلمية للتعبير والتغيير، ذلك لان الحزب يدرك مخاطر العنف علي مستقبل الحياة السياسية في السودان، وكما ذكرت في إجابة سابقة فان بيان المكتب السياسي للحزب الذي صدر بعد الأحداث لم يدن الهجوم وإنما أشار بوضوح إلي خطل السياسات التي ينتهجها المؤتمر الوطني تجاه قضية دارفور ومجمل الوضع السياسي في البلاد وهذه السياسات الخاطئة والمتسلطة هى التي جرت البلاد إلي العنف والعنف المضاد، صحيح أن السيد رئيس الحزب وفي تصريح تلفزيوني استهجن الهجوم وطالب بمحاكمات عادلة ورادعة. هذا التصريح تم التطرق له من قبل رئيس الحزب لاحقا شارحا ملابساته وما عناه هو في هذا الخصوص. لذا فان توقيع مذكرة تفاهم بين الحزب وحركة العدل يأتي في إطار التواصل من أجل إيجاد حل سريع ومستدام لقضية الإقليم فالحزب يستعمل الوسائل السلمية التي ينادي بها والحركة متروك لها الخيار بالإفراد أو القران فيما يخص العمل المسلح والحوار.
في الجزء الأخير من الحوار:
· حركة التحرير والعدالة تجد منا كل الدعم في مسعاها لتوحيد الحركات المسلحة وتوحيد مواقفها التفاوضية.
· المقارنة بين قضية الجنوب ودارفور مخلا بقواعد التحليل الموضوعي.
· وضعية حزب الأمة لا تمكنه سوى تقديم مقترحات الحلول والسعي للمساهمة في حل قضية دارفور.
· علاقة الحزب بإيران أضرت بنا كثيراً.
· انفصال الجنوب سيفرز معادلة سياسية جديدة تختلف وسائل التعامل معها عما كان عليه الحال من قبل.
· القول بفك الارتباط بين الجنيه السوداني والدولار محض هوس سياسي لا قيمة له.
· التفاؤل بانفصال سلمي للجنوب فيه ضرب من الخيال.
· شتان ما بين حق تقرير المصير الواردة في مقررات أسمرا والموقعة عليها في نيفاشا.
· حقول النقط نغمة حلت بغرب كردفان حولت مناطق شاسعة إلى صحارى.
· على قيادات حزب الأمة أن ترتفع لمستوى التحدي الوطني وترك الانشغال بصغائر الأمور حتى إشعار آخر.


ليست هناك تعليقات: