الجمعة، يناير 30، 2009

الكيزان يسرقون ثورة دارفور(1/2)

في خاتمة مقاله المطول المنشور بصحيفة الصحافة بتاريخ 06/05/2007 والذي تناول فيه مزايدات فصائل حزبه البائد ، زعم دكتور التجاني عبدالقادرالمفكر الأسلامي الرزين أن ثورة دارفور لم تنطلق من الفاشر أو أنجمينا أو واشنطون وإنما أنطلقت من المنشية ، وأن تأثير شيخ الترابي على دارفور ليس أقل من تأثير تشاد ويقترح على خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز توقيع مذكرة تفاهم مع الشيخ في مزرعته الوارفة بالجنادرية مثلما فعل مع البشير ودبي ضمن مساعيه لإيجاد حل لقضية دارفور.

ما قد يفهم من قول هذا المفكر أن أهل دارفور لا قضية لهم أصلاً ولو لا المفاصلة بين جناحي الجبهة الإسلامية في رمضان عام 1999 كانوا حتى يومنا هذا يرفلون في نعيم الحياة الرغدة التي هيئه لهم نظامة المسروق ، وأنهم تم تحريكم من قبل قادة نجاح ( الكيزان ) المهزوم والمأزوم لتصفية حسابات ضد النجاح الآخر ، لا يكن أن يتم ذلك إلا إذا كان أبناء دافور سذج وبلهاء لا إرادة لهم وبمجرد صدور إشارة من المنشية يضع الجميع ارضا سلاح ، وهو بذلك يسب ثوار دافور ومن خلفهم أهلهم جملة واحدة ، او أنه يحاول سرقة هذه الثورة بإدعاء أنها من بٌنات افكار جناح حزبه الخرب وتخريخاتها اللهم إلا أن كانت كافة المؤامرات التي حيكت ضد الإقليم خلال شهر عسل جناحي حزبهم على وجه الدقة كانت تحاك من المنشية ، أو أن التهريج الكبير الذي نشاهده منذ المفاصلة ما هي إلا مسرحية وضحك على الذقون وان المنشية لا يزال ممسسكة بزمام الأمور على جميع الأصعدة وتستطيع أن تلجم الجنجويد وتعيد المظالم إلى اهل دارفور المتبقين على قيد الحياة وتدمل جراحاتهم وحل قضيتهم بضربة لاذب كما زعم شيخهم مؤخرا في نيالا.

يبدو أن دكتور التجاني عبدالقادر لم يطلع على تاريخ دارفور السياسي وثوراته التحررية عبر الحقب وكأنه لم يسمع بالسلطان على دينار وكيف تمكن من إستعادة أمجاد أجداده في سبتمبر عام 1898 كإمتداد للسلطنة الإسلامية ولم يكن ضمن أهدافه آنذاك أن تكون دارفور جزء من دولة السودان المستعمرة ، حيث أنه ذكر في خطابه اي السلطان علي دينار للسطان حسين ابي كودة الذي سبقه لإعلان دولة الفور بعد إنهيار دولة المهدية ثم تسليمه مقاليد الحكم فيما له عند عودته للفاشر بعد معركة كرري قال له : كتر لله خيرك يا ابوكودة طردت المغتصبين وحفظت لي داري وأعدت لأهل دارفور عزتهم وكرامتهم. - إنتهى ( أحمد عبد القادر إرباب ـ تاريخ دارفور عبر القرون )

اولم يسمع دكتور التجاني عبدالقادر بالسلطان محمد بحرالدين الملقب باندوكة وقتاله الشرس ضد الفرنسيين من أجل الحفاظ علي سيادة سلطنته وقد نحج في ذلك ولم يتكمن الإنجليز أيضا من الدخول عنوة لتلك السلطنة الصلبة المحصنة بقوة شكيمة رجاله ، و إنما عرضوا عليه وثيقة صلح عام 1919 خضعت بموجبها السلطنة للحكم الثنائي وإستمر السلطان أندوكة في إدارة سلطنته وهى تعتبر اول منطقة في السودان تنتزع الحكم الذاتي ليس من الحكومات الوطنية وإنما من المستعمر ، حتى جعفر نميري وجبروته إضطر لإستثناء دارفور المساليت من قانون حل الإدارات الأهلية عام 1971 ليأتي نظام الإنقاذ الأهوج ويفتتها بليل بهيم إلى 34 إمارة دفعة واحدة.

اولم يسمع دكتور التجاني عبدالقادر بثورة الفكي عبدالله السحيني الذي قتل مفتش المركز وحرر مدينة نيالا عام 1921 ام لم يسمع بخروج الزعيم موسى مادبو على سلطات الخليفة عبد لله المركزية ، ام لم يسمع بحرق العلم البريطاني في الفاشر في 02/02/1952 وكذلك ثورة إبناء دارفور إبان الحكم المايوي ضد حكم (طيب الذكر) الطيب المرضي لا لشيئ سواء أنه من ليس من أبناء الإقليم كإنتقاص من حقهم في إدارة شئونهم ، يجوز أن يكون الدكتور مهموم بهضم كافة أطروحات سيد خطب وأشعاره الجهادية ولم يجد الوقت للإطلاع على تاريخ دارفور ، ويجوز أنه غير مكترث بتاريخ وتراث المناطق الهامشية ولكن بلا شك أنه قد عايش إنتفاض رمز دارفور الأستاذ / احمد إبراهيم دريج ضد مساومات جعفر نميري وإصراره على التبضع السياسي بآلام شعبة ومأساة أهله خلال موجة الجاف الذي جر بكلكله على أهله بدافور، إنتفض القامة الشهم في إباء ضد الظلم ضاربا ذهب المعز وصولجانه عرض الحائط بصورة منقطعة النظير ، ولا شك أنك شاهد أعيان على إنتفاض الشهيد الشجاع المهندس داؤد بولاد رفضا للتهميش وإستغلال الإنتهازين عام 1990 وقتها كان المنشية قصرا.

بزعم الدكتور العالم أن قضية دارفور إنطلقت من المنشية يعني أن أبناء دافور ذاكتهم مهترئة وغير مدركين لما يحاك ضدهم وبذلك فقد أرتكب خطأ فادحا لأنه لم يتعرف عن قرب على نفسية أبناء دارفور ولم يطلع على تاريخ ثوراتهم المتكررة ضد الظلم والإستبداد عبر التاريخ عندما كانت المنشية وقبلها القصر ارأضي بور بلقع ، لقد إنضم أهل دارفور للسودان وهم يحملون زادهم من تراث الحكم وثقافة ثرة يتوشحون رداء تاريخ عظيم كما ذكره الدكتور حسين آدم الحاج في إحدى مقالاته المتميزة ، ولأنه لم يعلم ان الإحتفاظ بالتراث والمحافظة على ثقافة الحكم بالنسبة لمواطني دارفور هو جزء من معاني الإستمرار في هذه الحياة نفسها ويبدو ان العالم دكتور التجاني يجهل مكمن سر قوة شخصية إنسان دارفور العنيفة ، وإذا توقف عند الثورات المشار إليها لتبين له أن معظمها كانت بمبادرات فردية ، والأعظم والأشرف من ذلك هو أن اول صوت نادي بإستقلال السودان هو صوت ثائر من دارفور صوت السيد عبدالرحمن دبكة ولا إعتقد انه منح هذا الشرف وإنما بادر هو به من داخل البرلمان عندما كان يتردد الآخرون ، مخالفا بذلك اللوائح حسب إفادات المؤرخين ، وحتى الزعيم إسماعيل الأزهري وجد نفسه مضطرا لأن يهتف : عاش السودان حراً مستقلاً لاول مرة خلال زيارته التاريخية لعد الغنم دائرة السيد دبكة ( دائرة غرب البقارة ) .

لم يجانب الدكتور الثواب في زعمه من كافة الجوانب حتى لو جرد الثورة الحالية عن ترسباته والخيوط التي تربطها بمثيلاتها عبر التاريخ ، فمعلوم للجميع أن مفجرا هذه الثورة هما الثائران الاستاذ / عبدالواحد محمد نور وزميله ( سابقا ) منى آركو مناوي من قمة جبل مرة عام 2003 ، وقد علم بها العالم أجمع بعد ضربة مطار الفاشر ، وأكاد اجزم أن الثائر عبد الواحد لم يز في حياته المنشية ولا حتى عابر سبيل لسبب بسيط لأن مثل هذه القصور المنيفة لا تستهوي إبن دارفور الأصل ، وما أكده مناوي أنه لم ير الخرطوم في عمره إلا خلال ذهابه لدخول القصر بعد توقيع إتفاق ابوجا ناهيك عن المنشية التي قد لا يعرف اين هي حتى هذه اللحظة ، هذا ما يؤكد أن عضو الجبهة القومية ( الكيزان ) دكتور التجاني عبدالقادر تعمد سرقة ثورة دارفور في وضح النهار.

قد يفهم زعم دكتور التجاني بصورة معكوسة أو معدوله مفاده أن ظلم المنشية وتحيزها جزء من خميرة بارود الثورة التي إندلعت لاحقا من الطينة وبذلك تتساوي القصروالمنشية ، أو أنه يشير بإدعائه في ذلك المقال إلى الدور الفاعل الذي يقوم به ابن دارفور البار الدكتور خليل إبرهيم رئيس حركة العدل المساواة القيادي السابق بالجبهة الإسلامية القومية وبعض إعضاء حركته المحسوبين على الكيزان مع أنهم قد نفوا ذلك مراراً ومعلوم أن المحرش ( ما بداوس ) وهم يقاتلون بروح قتاليه لا تقل عن شراسة رفاقهم في الميدان ، وقد كان موقفهم أكثر صلابتة في التفاوض بأبوجا ، ولا أعتقد أن الدكتور مفوض من قبلهم لتجيير نضالوهم ونشاطهم الثوري لصالح أعضاء جناح حزبه المغدور به والذين إنطبق عليهم قول المصطفى (ص) فيما معناه : من أعان ظالما سلطه الله عليه ثم يدعوه فلم يستجب له.

هذا التجيير السرقة بعينه وهذا النوع السرقات صفة متلازمة للكيزان مدمني الكذب والنفاق ، فقد حاولوا سرقة ثورة إكتوبر المجيدة بزعمهم أن القرشي لا ينتمي للحزب الشيوعي ، كما تخلفوا عن إنتفاضة رجب ابريل وبخبثهم المعهود زجوا بالمشير سوار الذهب ودكتور الجزولي دفع الله كشخصيات قومية إتضح فيما بعد أن كليمها ينتمي للجبهة الإسلامية القومية وقد أثراء سلبا على مجمل الفترة الإنتقالية وبالاخص قانون الإنتخابات ، مثل هذا الإدعاء يثير البلبلة وعدم الثقة وسط أبناء دارفور يجب عدم الإلتقات إليه.
في مقالنا اللاحق سنتناول محاولات كبيرهم الذي علمهم السحر لسرقة الثورة المباركة.

ليست هناك تعليقات: