الثلاثاء، سبتمبر 23، 2014

لا يا الإمام ... ليست على رأس الجبهة الثورية "قُمبرّة"


لا  يا الإمام ... ليست على رأس الجبهة الثورية "قُمبرّة"



حقيقة من "ترك قديمه تاه" وقديم المهدي المعروف للشعب السوداني، الغموض والتناقض المريع والانتكاسات السريعة ، غير مبال بإقناع الرأي العام، وكل من ينتقده، في نظره حاقد

ظننا أنه في محبسه الأخير ، إختلى بنفسه وراجعها بتجرد ، وإستدرك أنه لو لا قوى الهامش لما كانت المهدية من الأصل، والتاريخ يشهد، "النبوءة" والإنجاز، ولولا هم لما كان الصادق الصديق رئيسا للوزراء مرتين، وما كان إماماً لأحد، وتبين له فداحة جُرم أبنيه المشاركين لنظام الإنقاذ في التنكيل والسحل اليومي المقيت لأبناء الشعب السوداني، خاصة الذين كانوا سببا في تميزهم الطائفي والأسري ، وأنه في محبسه قد اهتدى إلى الخط الصائب لحزبه بدلاً من طول المسير جوار الحائط الإنقاذي الذي جلب لطائفته المذلة ولحزبه العريق الهوان السياسي، ولكن بكل أسف اتضح لنا سريعا أننا كنا آثمين في ظنوننا بالإمام، لأننا لم نستبين نواياه ، ولم ندرك أبعاد تحركه المريب إلى باريس إلا بعد وصوله إلي عمان، فقد كشف المستور، واتضح انه لايزال في فلك الإنقاذ  يدور.

يقول الإمام أن تحركاته التي ابتدرها بإعلان باريس لها مهمتان اثنتان أولاهما أنه يريد أن يوثق العلاقة بين حزب الأمة والجبهة الثورية. هل يعتقد أن هذه المهمة ممكنة بالقول دون الفعل؟ وإذا التمست له الجبهة الثورية العذر في عجزه عن الفعل ، فإن المهمة الثانية التي نذر نفسه لها ورهن عودته للبلاد بتحقيقها، يعتبر تحرك مضاد ينسف المهمة الاولى من اساسه، وإن كان الإمام يرى غير ذلك بلا شك أن العُمر فعل فعلته في تقييمه للأمور.

المهمة الثانية لجولة المهدي الدبلوماسية كما اوضحها لشبكة إرم الأردنية تتمثل في إعفاء الديون الخارجية، رفع السودان من قائمة الإرهاب،  رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان ، رفع التجميد عن الدعم الأوروبي للسودان، بموجب اتفاقية "كوتيمو"

هذه المهام فشلت فيها وزارة خارجية النظام وكافة بعثاتها الدبلوماسية طيلة عمر الإنقاذ والآن ينذر الإمام نفسه لتحقيقها، وفي نفس الوقت يريد أن يوثق علاقته بالثوار ممثلو ضحايا النظام!

بالطبع الإمام كعادته غير مكترث للذين يرون إن مثل هذه الإجراءات تعزز قبضة النظام على رقاب العباد والبلاد، وإن الشعب السوداني لن يستفيد منها شيء. ليس في الأمر عجب، فعدم اكتراثه المعهود بالرأي العام يتماهى تماماً مع مشاركة إبنيه نظام القهر والفساد والإستبداد ، وعجزه في إقناع احد بعدم ضلوعه في هذه المشاركة.

يقول الإمام "نريد وعدا من الأسرة الدولية بأنه إن استطاع السودان تحقيق سلام عادل شامل، بتحول ديمقراطي كامل، وأن تحال القضية المسجلة بحق السودان إلى "مفوضية الحقيقة والمصالحة"

أولاً إستحالة تحقيق سلام عادل وشامل مع إستمرار نظام الإنقاذ، وبديهياً متى ما زال النظام، ليس هنالك مبرر لإستمرار إجراءات دولية ضد السودان، أي أن طلب الإمام تحصيل حاصل، لكن ما يتراءى للمتابع لسلوك الإمام، أن هذه التحركات ومثل هذا الطلب ليس مجانياً، وغالباً من يصرف إبنيه إستحقاقاته من شباك القصر الجمهوري

ثانياً التحول الديمقراطي الذي ينشده الثوار وقوى الهامش سيكون مختلفا هذه المرة وليس كسابقته، لأن أبناء الهامش مستقبلا سيمثلون أهليهم وليس أي زعيم يقبع في المركز، ولا أظن أن الممارسة الديمقراطية المنشودة ستكون "اخنق فطس" كسابقتها، إ    ذ قبل إجرائها لابد من رتق النفوس والديار التي دمرتها آلة النظام الفاشي، وعندما يفيق أهل الهامش في المعسكرات من الصدمة  ويعرفون الحقائق المجردة سيقررون لمن يصوتون.

ثالثا نرى ان الإمام يخلط بين النظام والسودان حين يقول "القضية المسجلة بحق السودان" فإن كان يقصد مذكرات توقيف رأس الإنقاذ ورموز نظامه فإن هذا التوصيف يعتبر تهويل من عنده لغرض في نفسه لا يخفي على أحد، وحسب المتابعة فأن الإمام ظل مصرا على تحقيق العدالة في رموز النظام ولم يتبدل موقفه هذا إلا بعد دخول إبنه عبد الرحمن القصر.

رابعا لا ندري بأي مصوغ يتحدث الإمام عن الحقيقة والمصالحة؟ هذه الفرضية لا أظن انه طرفاً أصيلاً فيها ، لأنها بديهيا ستكون بين الضحية والجلاد إن قدرت لها أن تتحقق، والإمام فقط يمكن أن يطمح في دور الوسيط، لكن أن ظن أن مواقفه المريبة وإن سار على منوال ما هو بصدده الآن، ستؤهله للاطلاع بهذه المهمة يكون في وهم كبير.

رابعا تحدث المهدي في مستهل حديثه مع شبكة أرم أن حزبه يسعى لنظام جديد في السودان ونسئ نفسه أنه أقدم من حفر البحر في الساحة السياسية ولم يفكر في ترك الزعامة لغيره ، أكل خريفه ولا يزال نهما لأكل خريف الآخرين، لا يمل الحديث عن التحول الديمقراطي ويتحرك باتجاه تمكين وتوريث أبنائه في الحزب والدولة، فأي تناقض هذا؟ ماذا أذل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، أليس مشروع حماية الذات والنسل؟

خامساً اتضح ان نقاط مهمة الإمام الثانية تتماهي من الورقة الأمريكية المطروح مؤخراً كخارطة طريق لحل ازمات الحكم في السودان، علينا ان نكترث من الأمريكان لأننا لدغنا من جحرهم الأبيض من قبل لدغة مميتة. نعم يجب أن نتعامل معهم ولكن عدم التسليم بكامل اطروحاتهم، ولابد من تمحيص وحذر.

وعن تهمة الإرهاب الموسومة دوليا بنظام الإنقاذ ، هل استوثق الامام ان النظام قد تاب توبة نصوحة عن ممارسته وبات حملا وديعا؟ الا يعلم الامام ان النظام يأوي جماعات بوكو حرام النيجيرية ، ولا يزال يستضيف شباب الصومال؟ والا يعلم بتدخله في نزاع افريقيا الوسطي والآن ينغمس حتى اذنيه في الشأن الليبي؟ هل طرد النظام قيادات الجماعات الإسلامية المصرية الذين يفجرون الجنود المصريين في سيناء؟ وهل لدى الإمام فكرة عن خلية الدندر الإرهابية، وكيف تعاملت معها سلطات النظام. وإن صدّق الإمام أن قاتلي غرانفيل وسائقه عبد الرحمن قد هربوا من السجن بالفحولة دون ضوء أخطر من النظام، فإن ذلك لن ينطلي على المجتمع الدولي، وهل شاهد الإمام الفلم الذي أنتجته تنظيم القاعدة عن هذا الهروب؟ وإن كان الإمام مقتنع من براءة النظام من تهمة الإرهاب، عليه تجهيز دفوعاته لأنه إن جلس إلى أصغر مسئول دولي سيستفسره عن هذه القرائن ، الأفضل له استدعاء د. مصطفى إسماعيل إلى مقر إعتكافه الخارجي يمكن أن يساعده في مهمته العسيرة والمستحيلة.

 من تجليات الامام اللغوية التي سمعتها عنه، قوله أن الصحيح هو الإرعاب وليس الإرهاب، وبهذا المفهوم، هل تخلى النظام عن ممارسة إرعاب مواطنيه يوما واحدا؟ وفيما كان إنتقاده لقوات الدعم السريع الذي بسببه ادخل السجن مؤخراً اليس ارعاب الآمنين؟ وماذا تفعل طائرات الإنتونوف يوميا ضد المدنيين العزل في جبال النوبة أليس إرعابا ممنهجا؟ وماذا يسمى الإمام ما تعرض له الأستاذ عثمان ميرغني مؤخراً؟

من وجهة نظرنا ان يلتزم الامام بروح اعلان باريس المتمثل في تكثيف الضغط الدولي والداخلي بغرض إسقاط النظام سلميا ، ومن ثم التحرك في اتجاه تنقية ذات دولة السودانية من كافة ما علقت بها من دنس خلال عهد الإنقاذ ، حينها لن تكون المهمة عسيرة عليه ولن يكلفه رهق الاعتكاف الخارجي.

نعتقد أن الشعب السوداني كافة يعرفون مواقف منسوبي حزب الأمة القومي المشرفة من النظام وجرائمه وانتهاكاته في حق البلاد والعباد ، وقوى الهامش يميزون بين رؤى قواعد الحزب وبين تصرفات قيادته الأسرية ، وكنا نتمنى ان يؤوب الإمام إلى رشده ويستلهم تطلعات جماهير حزبه وآمال الشعب السوداني في شخصه المميز والتي لها مكانة خاصة عند الملايين، وإن تحلى بالشجاعة والتجرد بإمكانه أن يطمح في حصاد جوائز دولية ترضي تطلعاته ومن المحتمل أن يغفر له الشعب تخاذله المتراكم.

للإطلاع على المقالات السابقة:


 

ليست هناك تعليقات: