السبت، مايو 25، 2013


"القضية" .. تدخل دوائر الاهتمام البريطانية



 
نظم نواب بريطانيون مهتمون بالشأن السوداني في الرابع والعشرين من ابريل المنصرم منتدىً حوارياً رفيع المستوي بمجلس العموم عن مستقبل السودان، شارك فيه ناشطون على مستوى الخبراء، وممثلون عن النظام الحاكم والتنظيمات الوطنية وممثلون عن قوى الهامش والحركات الثورية في معيتهم كاتب المقال وصحفيون سودانيون وأجانب.

  ما نحن بصدد تسليط الأضواء عليه في هذا المقال، رد قوى الهامش على سؤال محوري اطل برأسه على مجرى الحوار: ماذا بعد نظام الإنقاذ من حيث نظام الحكم وليس من يجلس على سدة القيادة؟ هذا السؤال فرض نفسه بعد ان أمّنت جميع الأطراف السودانية المشاركة باستثناء ممثل النظام بالطبع على أن الحل الجذري والأمثل لوقف الاقتتال المستمر وإنقاذ الاقتصاد من شفا الانهيار المفاجئ هو تغيير النظام الحالي. "الخواجات" كانوا ينتظروننا نحن أصحاب الشأن أن نطرح هذا الخيار بفارغ الصبر، وقد تهللت أساريرهم لهذا الطرح وتساءلوا إن كنا نحتاج لمساعدتهم فيما بعد الإنقاذ وفي أي قالب؟ وقد خسأ ممثل النظام في استثمار هذا العرض للتشكيك في وطنية قوى المعارضة.

  أوضح ممثلي قوى الهامش أن إستمرار منظومة سودان 56 لم تعد مناسبة أو مقبولة لما بعد نظام الإنقاذ، تلكم الدولة السودانية التي سلمها الإنجليز لنخبة مركزية وإثنيات محددة مكافأة على حسن خدماتهم لها إبان فترة حكمها البلاد، وهي تكافح عبر السنين بالأيدي والأسنان لمنع المساس بمقوماتها المرتكزة على الامتيازات الجهوية والاختلال التنموي والنظرة الاستعلائية للآخرين.

 والمرتجى دولة المواطنة المتكافئة والتقاسم العادل للثروة والسطلة، دولة حكم القانون والتداول السلمي للسلطة بعيداً عن الفساد السياسي بصورة تمنع أن تكون السلطة دُولة بين النخبة المركزية منهم، دولة تناسب الألفية وتؤمن بالشفافية وتمارس المحاسبية على اعلى المستويات.

 أبان ممثلو قوى الهامش: أنهم يتطلعون إلى فدرالية حقة وليست مزيفة، فدرالية تمكنهم من تدبير شئونهم بصورة تصون كرامتهم وتعبر عن ثقافاتهم وتتيح لهم ترتيب أولوياتهم التنموية في إطار المشتركات القومية دون وصاية من أحد أو إملاءات فوقية من جهة، فدرالية تضع حداً للظلم والقهر والاستبداد المركزي، فدرالية تؤطر للبناء النفسي وتباشر في محو ما تختزنه النفوس من ذكريات مؤلمة وبائسة عن الدولة المركزية.

والفيدرالية هي المنظومة المعمول بها في الدول التي تسعي بجدٍ على حل معضلاتها القانونية والتنظيمية والسياسية والتي تعقدت بفعل الهزات الاجتماعية العنيفة، وتأزمت بضغط العلاقات الدولية، فهي على الصعيد الداخلي تسعى لتنظيم أمور الدولة الداخلية، بهدف تسيير العمل والوظائف وتوزيعها ما بين السلطات المركزية، والسلطات المحلية حيث تحترم السلطة الفيدرالية المصالح الخاصة للقوى المؤلفة للدولة الأم، مقابل تنازلها عن صلاحيات لصالح الأقاليم وتحتفظ بالسيادة العامة والتمثيل الدولي. بكل بساطة الفيدرالية الحقة أكبر من مجرد ديباجه في دستور أو كلمة في غنوة، بل هي النقيض للاستبداد الذي يتميز بمركزية باطشة ومسيطرة على الهامش.

 رئيس فرعية حزب الامة القومي الأستاذ محمد الأنصاري اوضح في كلمته أن جميع مطالب اهل الهامش مضمنة في برامج "التنظيمات الوطنية" ولا داعي للمطالبة بها بصورة منفصلة، وبالرجوع إلى تجربة الديمقراطية الثالثة نجد أن حزب الأمة قد إختزل مطالب الهامش في مناصب وزارية يفاخر بها في كل محفل، وفي الوقت الراهن فإن جهود ونوايا الصادقين والمنصفين من قيادات حزب الأمة تجاه قضايا اهل الهامش، ينسفها "الإنبطاحات" المستمرة لإمام الأنصار وأبنائه الذين انخرطوا في نظام الإبادة الجماعية ودولة الفساد والاستبداد ، الأمر الذي جعل الثقة شبه مفقودة بين الطرفين، رغم أن الكثيرين يميزون بين مواقف جماهير حزب الامة وتوجهات الإمام غير المهضومة.

 تجدر الإشارة إلى أن المنتدي نظم برعاية النائب البرلماني وليام باين، رئيس دائرة شؤون السودان، وأبرز الشخصيات المشاركة في المنتدي هم السيد مايكل رايدر المبعوث البريطاني الخاص السابق  للسودان ــ د. موقيش كابيلا ممثل الامم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية السابق في السودان (أيام كوفي انان)  ـــ السيد دوغلاس جونسون زميل معهد ريفت فالي ـــ د. خالد المبارك المستشار الإعلامي للسفارة السودانية بلندن ــــ الأستاذ محمد الأنصاري رئيس حزب الأمة القومي بالمملكة المتحدة وإيرلندا ـــ الأستاذ أحمد إبراهيم دريج الحاكم الأسبق لإقليم دارفور ـــ الأستاذ كمال كمبال رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال بالمملكة المتحدة وإيرلندا ــــ الأستاذ جبريل بلال (إعلام الجبهة الثورية) ـــ المهندس معتصم مهدي رئيس اتحاد عام إبناء دارفور بالمملكة المتحدة وإيرلندا ــــ الأستاذ معتز برقو الأمين العام للاتحاد، الأستاذ كمال كودي من اتحاد أبناء جبال النوبة. وقد أدار المنتدى السيد ديفد بلير كبير مراسلي الشئون الخارجية بصحيفة التلغراف اللندنية.

وفي اليوم التالي أي في الخامس والعشرين من نفس الشهر إنعقدت جلسة برلمانية خاصة بمناسبة مرور عشر سنوات على مأساة أهالي دارفور حضرها لفيف من نواب بريطانيون إستمعوا خلالها إلى تقييم أبناء الإقليم ممثلاً في اتحادهم العام بالمملكة المتحدة وإيرلندا وقد طالبوا بفرض حظر الطيران فوق أجواء المنطقة حمايةً للمدنيين وتعزيز صلاحيات قوات اليوناميد.

ما ضاعت "قضية" ورائها مطالب، وبما أن زوال دولة الإنقاذ كآخر وابشع تجليات منظومة سودان 56 أصبحت مسألة وقت لا أكثر، ينبغي أن يصبح إستشراف الحلول المرضية لكافة مكونات الدولة السودانية المرتقبة جنباً إلى جنب مع جهود تسديد الضربات الأخيرة على "يافوخ" النظام المحتضر، لذا نناشد كافة تجمعات قوى الهامش أينما وجدوا التبشير بما يتطلعون إليه بكل وضوح وبدون تشنج، ذلك أن "البكاء بحرروه اهله".

للإطلاع على المقالات السابقة:


//آفاق جديدة//

هناك تعليق واحد:

إبراهــيم ســـليمان يقول...

[سودانى طافش]






5.00/5 (1 صوت)
05-24-2013 04:25 AM
نفهم أن قطاعات من الشعب السودانى المطحون تجلس وتتشاور عن مايكون عليه شكل السودان بعد زوال حكم ( تنظيم الأخوان المسلمين الرهيب ) والكل يعلم بأنهم جاؤا للسلطة بواسطة ( إنقلاب ) عسكرى .. لكن الذى لانفهمه هو أيضا جلوس ممثل من ( التنظيم ) الحاكم وهو د.خالد المبارك وسط المعارضين وعن ماذا يتحدث ولكى يناقش ماذا .. يجب ن نكسب جانب ( الأنجليز ) فللشعب السودانى مكانة طيبة فى نفوسهم وابن الأستعمار المدلل ولاأعتقد بأن قضية السودان تحتاج لجهد كبير لشرح أبعادها فالوضع معروف وواضح لجميع الدول ( الكبرى ) ويجب أن نشعرهم بأننا سوف نقيم دولة العدل والمساواة والديمقراطية فهم يخافون أن يتحول السودان لصومال آخر أو الأنتقام من ( كوادر ) تنظيم الأخوان المسلمين الرهيب بأقامة ( المشانق ) لهم وسط الخرطوم مع العلم أن ( بريطانيا ) عانت الكثير من ( الأرهابيين ) الذين يغذيهم مثلث ( الشر ) السودان وإيران والقاعدة ..!