الثلاثاء، أكتوبر 30، 2012

تداعيات نتيجة الانتخابات الأمريكية على قضايا الهامش السوداني


تداعيات نتيجة الانتخابات الأمريكية على قضايا الهامش السوداني
 

على الرغم من ضيق هامش السياسية الخارجية الأمريكية لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلا انه ذات اهمية لدول العالم الثالث، خاصة تلك التي لديها ملفات ساخنة مفتوحة أمام المنظمات الدولية، ومرد هذه الأهمية أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إلى حد كبير سيان، بحكم طول ذراعها وتكفلها بحوالي ربع ميزانية المنظمة الدولية، ويمكننا استثناء فترة حكم الرئيس اوباما من هذا التوصيف.

سياسة اوباما الخارجية كممثل للحزب الديمقراطي قائمة على الدبلوماسية الناعمة فقط لا غير، إذ أنها تخلت عن مبدأ الهجوم كوسيلة لحماية مصالحها والدفاع عن أصدقائها، ولم تعد امريكيا في عهده قادرة على رفع العصا في وجه اصغر "جربوع" من دول العالم الثالث، سلتها اصحبت افرغ من فؤاد ام موسي من الجزر والعِصي، ذلك أنها ظلت متوعكة تسعل ليل نهار من الأزمة المالية، وبذلك تنصلت عن دورها الطليعي في الدفاع عن حقوق الإنسان، وحماية البشرية من سطوة الدكتاتوريات الغليظة، جلست القرفصاء في الصفوف الخلفية تلعق جراحها من ضربات القاعدة، وانصب جل اهتمام إدارة الرئيس أوباما في إنعاش الاقتصاد الأمريكي ولم يفلح إلا بالقدر اليسير.

موقف إدارته من الأزمة الدارفورية كمحور قضايا الهامش بعد انفصال الجنوب، عبر عنه مبعوثه الخاص لدارفور الدبلوماسي "الفشل" إسكوت غريشن، والذي تعمد قتل القضية لتتغذي بدمه "ابنتهم" غير الشرعية دولة الجنوب الوليدة، من خلال خنق قيادات الثوار وإرغام النازحين على مغادرة معسكراتهم دون قيد او شرط تحت لسع كرابيج صديقه الحميم د. السيسي، غريشن لم يكتم فرحته بفوز المؤتمر والوطني بانتخابات مزورة وغير متكافئة،  في حين أن موقف الحزب الجمهوري في عهد سلفه بوش الابن عبّر عنه المبعوث اندرو ناتيوس والذي يري عدم جدوي حلول مشاكل السودان بالتجزئة، ومع تحفظاتنا على بعض آراء ناتيوس ذو الحساسية المفرطة ضد الإسلامين، نعتقد أنه الأعمق تفهما لأزمة الحكم في السودان.

وبما ان معظم مستشاري ميت رومني الحالين هم مستشارو جورج بوش الابن، على الأرجح إعادة إسناد الملف السوداني لأندرو ناتيوس الأستاذ في جامعة جورج تاون في واشنطن حال فوزه، لأنه لا زال مهتما بالشأن السوداني ونشطا في قضية الهامش، عندها نتوقع دمج كافة قضايا الهامش السوداني في ملف موحد لدى الإدارة الأمريكية والامم المتحدة، وهو النهج الصحيح من وجهة نظرنا.

ناتيوس كان يري ضرورة استخدام الإدارة الأميركية موضوع المحكمة الجنائية كورقة ضغط على النظام، وهو من صرح أبريل 2009 أن إعادة النازحين في دارفور إلى أراضيهم ليس سهلاً لأن مليشيات الجنجويد استولت على الأراضي، لذلك يجب أن يكون موضوع حل نزاعات الأراضي جزءً من التسوية السلمية في الاقليم، ولكن بكل اسف يعتبر الموقف الإنقلابي لمستر ناتيوس المنشورة في صحيفة نيويورك تايمز شهر أغسطس الماضي تطور محبط للغاية، وهنا تتجلي ضيق هامش المناورة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأحياناً تعتمد الكثير من المواقف الأمريكية على شخصية الرئيس وليس رؤية الحزب.

وأن فاز اوباما وفي ظل استمرار جذوة الإرهاب متقدة، بلا شك تجدد الحاجة الامريكية لخدمات حليفتها "الخبيثة" نظام الخرطوم، الأمر الذي قد يضطرها لضخ المحاليل في اوردتها المتهالكة وعدم التردد في محاصرة الأورام التي باتت تحدد إستمرارها، إن تحقق هذا السيناريو "لا سمح الله" يفرض على الجبهة الثورية السودانية جهود مضنية لفرض أمر واقع قد تضطر الإدارة الأمريكية للتعامل معه، وفي ظل هذا السيناريو يحتاج القابضون على جمر قضايا الهامش إلى معجزة لإبقائها في الواجهة الدولية.

يقينا إن فاز اوباما بفترة رئاسية ثانية، لن تسمح الإدارة الأمريكة بإسقاط نظام الخرطوم عسكرياً، وقد أعلنت ذلك صراحة عدة مرات، لذا ينبغي على قيادات الجبهة الثورية رفع سقف اسقاط النظام عسكريا، يفرض عليهم المزيد من طول النفس واساليب المراوغة وتفادي الاصطدام بإدارة اوباما، ويلزمها دوزنة حراكها العسكري والسياسي بحيث تفضي إلى حراك شعبي مباغت، تربك حساباتها، ومن هنا تتجلى ضرورة تقديم الدعم السخي لممثلي حزبي الامة والإتحادي، السيد نصر الدين المهدي والسيد التوم هجو الذي يمكنهما من التواصل مع قواعد حزبيهما الساخطة على تصرفات السيدين.

وإن سقط اوباما، بلا شك سيزداد السيد السيسي سقوطا على سقوطه، ونتوقع تقزيم تحركات دانيل كودي ضد أهلنا بجبال النوبة، ونترقب سقوط كادقلي ودحر أحمد هارون من ولاية جنوب كردفان عاجلا، ونتطلع إلى عودة المنظمات الإنسانية لنجدة أطفال الهامش، سيما وأن الذاكرة السودانية لم تمحِ مآثر الرئيس الجمهوري رونالد ريغان الذي انتزع في منتصف الثمانينيات الملايين "بعون الله" من أنياب الجفاف والتصحر، ومخيلة العالم يستحضر حزم الرئيس الديمقراطي بيل كلنتون في وضع حدٍ للإبادة الجماعية في رواندا وبورندي متنصف التسعينيات، لذا يرى مراقبون أن تردد الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما مرده ظرفي وشخصي، ونتيجة سياساته السالبة لم يعد المواطن الأمريكي يشعر بالأمان في سلامته وضمان معيشته، والذين ظلوا يبحثون عن فرص عمل طيلة فترة رئاسته المنتهية، ليس من المتوقع أن يصوتوا له مجددا.

إدارة اوباما ضغطت على سلفا كير من اجل توقيع الاتفاق الأخير مع الخرطوم، وهذا الاتفاق لا نظنه سيصمد ان خسر الانتخابات وغادر مكتبه البيضاوي، لأن ولاة الولايات المعنية ببعض نصوص الإتفاق غير مقتنعين بها، وإن ظل في كرسيه، ليس مسبتعدا أن يكرر الضغط على جوبا للتخلي عن قطاع الشمال، وإغلاق أبواب واشنطن في وجه قيادات الجبهة الثورية.

من الأهمية الإشارة إلى خيبة آمال الإدارة الامريكية في الإبقاء على السودان كمنطقة عازلة بين قرني هلال الإرهاب في الخليج والمحيط، تبددت هذه الآمال بالتحاق مائة وخمسين مقاتلا سودانياً "بأخوتهم" الاسلامين في شمال مالي حسب إفادة وكالة فرانس برس مؤخراً، أهمية هذا الحدث مرده إلى أن للماليين موطئ قدم في دارفور، مكنهم منه نظام الخرطوم على حساب ارواح وممتلكات أهالي الإقليم، عندما أصدرت السلطات سرياً قانون "الترانسفير" في منتصف التسعينات من القرن الماضي في حق السكان المحليين، على قرار قانون الترانسفير أو الترحيل القسري التي اتخذته الإدارة الأمريكية عام 1830 ضد الهنود الحمر.

على الأرجح ألا تقف الإدارة الأمريكية أياً كان الفائز بمقعد الرئاسة، في المقاعد الخلفية فيما يحدث في شمال أفريقيا، وأن تدعم فرنسا في تدخل عسكري مرتقب لإعادة الأمور إلى نصابها في شمال مالي، ومن المتوقع تقهقر فلول الاسلامين من شمال مالي إلى دارفور، بتسهيلات من قوات حرس الحدود، ودعم وترحيب من جماعة الشيخ محمد عبد الكريم، ونتيجة لهذا السيناريو قد يتحول دارفور إلى ساحة من ساحات المد الأصولي الممزوج بالتطهير العرقي، الأمر الذي قد يضطر الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها للتعاطي معها.

من الصعوبة الوثوق بالساسة، ومعروف أن السياسة لا  تعرف الأخلاق، عليه إن فاز اوباما ام ريح رومني، كليمها غير مهتم بالتغيير الديمقراطي في السودان، على الأقل في الوقت الراهن، ولكن الأكيد بقاء قضية الهامش ما بقي الحرس القديم ممسكاً بمقاليد الأمور في السودان، في ظل حكم شمولي ام تعددي،  و نعتقد أن "الجن الأحمر" سيكون ارحم بقضايا الهامش السوداني من الرئيس اوباما، الله لا أعاده.

وكل سنة والجميع بألف خير,,,


ابراهيم سليمان/آفاق جديدة/ لندن

هناك 3 تعليقات:

Ibrahim Suleiman يقول...

Hi Brother

this sharif from Canada
I absolutely do agree with
ولكن الأكيد بقاء قضية الهامش ما بقي الحرس القديم ممسكاً بمقاليد الأمور في السودان، في ظل حكم شمولي ام تعددي، و نعتقد أن "الجن الأحمر" سيكون ارحم بقضايا الهامش السوداني من الرئيس اوباما، الله لا أعاده.
وكل سنة والجميع بألف خير,,,

excellent work brother keep the good work up

thanks

sharif

Ibrahim Suleiman يقول...


0.00/5 (0 صوت)
10-27-2012 11:40 PM
Obama has failed miserably handling the crisis in the middle east and sudan .
he spent the first two years in his presidency facinated and bragging that he is the president ..keep reminding every body that he is the president the other half of his presidency he was trying to tackle the economy.even the death of Osama was not a great achievement. because Osama was like a walking dead .
Obama has given a free hand to the midget like Sheik Hamad the Fatso of Qatar to run the middle east .obama also prove that he is weak when he faced putin the dictator of Russia.
but this picture will be corrected when Romney win the election .and Romney foreign policy will be total different ..because Romney stated that somebody lie Omer Albasheer should be behind bars .let us hope for the best .

[shamy]

#496954 [العمدة]

5.00/5 (1 صوت)
10-27-2012 10:34 PM
السياسة الأمريكية ثابتة ولاتخضع لأمزجة الرؤساء.

إبراهــيم ســـليمان يقول...

http://www.cairoone.com/pages/News/News.aspx?id=4&country=205