الأربعاء، سبتمبر 05، 2012

القائد مني .. لم يتعظ من ابوجا


القائد مني .. لم يتعظ من ابوجا
 
 

لنجاح الثورة ، اية ثورة كنشاط جمعي إنساني لا بد لها من تقييم وتقويم ، وهاتين السبيل إليهما النقد البناء إن وجد ، وبالعدم النقد غير البناء وهو افضل من خداع الذات و"الدَقِش" السياسي والجري وراء السراب ، من هنا تكمن ضرورة الصحافة كمرآة للثورة وموجه للرأي العام ، مرآة حتى إن كانت مشروخة افضل من لا مرآة ، لذا كانت الدول العظمي خلال الحروب الكونية تحرص على مرافقة مراسلين حربين وكتاب رأي لجيوشها ، ليس بغرض نقل وقائع المعارك فحسب ، بل كمراقبين للقادة العسكرين وراصدي الآثار المحتملة للقرارات السياسية على ارض الواقع ، اللورد كتشنر كان احد هؤلاء ، ولا أظن أي قائد ثوري مهما كان حجم تضحياته وعظم مساهماته أن يتوقع انسياق الصحافة مع كسر حبالهم إن كان اشتر ، وعليهم احتمال صرير الأقلام التي تعترض مسيرتهم وعدم تسفيه مداد الكلمات التي تنتقد مواقفهم.

حتى أبوجا ، كانت الثورية الدارفورية بخير ، المطالب موحدة ، وقنوات التواصل بين كافة الوفود سالكة ، والثقة قائمة ، وجميع ما يخطر على البال من رموز الثورة حضورا في قاعات المفاوضات على صعيد واحد ، والقائد منى كان الأصلب عوداً ميدانيا ، بحسابات خاطئة فيما يبدو ظن إن المجتمع الدولي يحيك لعبة كراسي ساخنة لرموز الثورة ، فاستعجل الجلوس ، بينما ظل الآخرين وقوفا قابضين على زناد البنادق ، وربما اوحي إليه أن المجتمع الدولي سيتعامل مع رموز الثورة بمبدأ :من يأتي اولا يخدم اولاً ، First-come, first-served (FCFS) ، جلس ولما طال جلوسه على الكرسي الرئاسي الساخن ، وانفض سامر مدبري اللعبة ، نهض واقفا وتأبط بندقيته ، عندها لم يبخل عليه رفاقه القادة الثوار بالأحضان الدافئة ، قائلين عدت و العود احمد ، متوسمين فيه ، كتابة فصل جديد من فصول الكتاب الأسود ، من خلال مشاهداته داخل القصر الجمهوري والنادي الكاثوليكي سابقا يسهم في تدمير إمبراطورية تجار الدين.

مثل القائد مني احد اضلع تحالف كاودا "الجبهة الثورية السودانية" الذي تأسيس في اغسطس عام 2011 ، وقد أكتمل العقد الفريد لهذا التحالف بانضمام حركة JEM لها في نوفمبر من نفس العام ، أوّل المراقبون كثيراً على هذا التحالف التاريخي ولا يزال على أساس أن المصائب جمعت قياداتها المصابين ، وعلى اعتبار أن التجارب السابقة قد انضجت القيادات الدارفوريه على وجه الخصوص ، ظل هذا التقدير قائما إلى أن وقع حركة السيد مني أركو مناوي مذكرة تفاهم مع حزب الأمة القومي في 05 أغسطس 2012م وهذا ما جاب سيرة البحر ورجعنا إلى ابوجا.

من حيث المبدأ ، لا اعتراض على أي مسعىً من شأنه تقريب البون بين المعارضة الثورية والمدنية ، بل هو ضرورة مرحلية ، وكنا نأمل ان يكون حزب الأمة مقنعا في مواقفه وطرحه للجبهة الثورية السودانية بكامل اركانها ، ليس فيصلاً بعينه من مكوناتها ، ولإن اقدم السيد مني على هذه الخطوة قبل تكوين التحالف ليس من حق احد ان يقول له عينك في رأسك ، اما بعد التواثق ، فلكاودا مطلوباته وحساباته من وجهة نظر الرأي العام وقوى الهامش على وجه الخصوص.

نص مذكرة التحرير والامة القومي موجه ضد النظام ، بيد أنه المستفيد الأكبر منه ، فقد خبر النظام حركة مني ، وهو يعلم أن حزب الأمة في ظل قيادة الإمام لا يشكل خطر على كيانه ، وخلاصة التفاهم بين الطرفين ، كشفت عن هشاشة منظومة كاودا ، وبرهان على أن قياداتها ليست على قلب رجل واحد ، سياسيا دعك عن التنسيق العسكري.

وإن كان حزب الأمة معنياً حقا بإسقاط النظام ، لحرص على تماسك أركان تحالف كاودا ، ولتنزه عن أي مسعىً من شانه أضعاف عضده وفل عظيمة رجاله ، لكن بينما يناشد السيد الامام نائبه نصر الدين المهدي بنفض يديه من التحالف ، تجر كريمته د. مريم المهدي أحد أركان التحالف لتختل توازنه ، ولا يمكن الفصل بين الأمرين ، سيما والأخيرة الفيها "انعرفت" من ثنايا تصريحها الكارثي لقناة الجزيرة ، والمتمثل في تفضيلها للنموذج اليمني للخروج من المأزق الوطني الماثل.

لا شك كان للسيد مني كلمة عند رؤساء الوفود خلال مفاوضات ابوجا ، كما له ميثاق مع زعماء تحالف كاودا ، وتكرار التنصل من تعهداته مع رفاق الدرب والسلاح بلا شك سيضر بمسمعته وستهز مكانته السياسية مستقبلا ، وبالتأمل في ملابسات توقيع المذكرة الأخيرة ، نجد أن الأمر واحد من اثنين ، إما أن السيد مني قد تفاكر من بقية قيادات تحالف كاودا ولم يجد منهم التجاوب ، أم أنه عمل بعقلية ابوجا واعتبر الأمر شأن خاص بحركته ، وفي كلا الاحتمالين ، يخرج التصرف من روح الـTeam-work ، نتيجة افتقاد الإستعداد للتنازل عن الرأي الشخصي وتبني مواقف الآخرين حسبما تقتضي منظمة فريق العمل . وفي هذا بكل اسف تكرار لسيناريو ابوجا بشكل أو بآخر، لم نتوقعه من السيد مني . ومن حقنا أن نقول للخجل أين حمرتك؟

مثلما اخترق النظام ثوار دارفور في ابوجا عبر ركن القائد مني ، اخترق حزب الامة المناهض للعمل الثوري بكل سهولة ، تحالف كاودا من ركن ذات القائد!! والمطلب الثوري يملي على السيد مني سد "الفرقة" من ناحيته ، وإثبات ولو لمره واحدة أنه زعيم يمكن الوثوق به ، يصون المواثيق ويراعي شرف رفقة النضال.

بكل وضوح حرصنا على تماسك أركان الجبهة الثورية السودانية في هذا المنعطف الجاد ، مقدم على نجاح مؤتمر مشكوك في نواياه ، ومعلوم النتائج ، والمأمول أن تعدل مرامي هذا المؤتمر والذي جاء توقيع مذكرة التفاهم ضمن ترتيباته ، لتجسير الهوة بين المعارضة الثورية والمدنية بعيداً عن ظلال النظام ، وهذا الأمر يتطلب إقناع حزب الأمة الموقعين على وثيقة البديل الديمقراطي وتحالف كاودا وكافة بقية الكيانات والتنظيمات الحديثة الناشطة مثل الجبهة الوطنية العريضة وحركة قرفنا وشباب التغيير وخلافه بالمشاركة في المؤتمر.

وإن فشل حزب الأمة ، ولم يوفق السيد مني في إقناع الجبهة الثورية السودانية والقوى المدنية الاخرى بالمشاركة في المؤتمر "السلام"المقبل ، نأمل من السيد مني إحترام المؤسسية وأن يركز مع رفاقه ، ذلك أن التحالف مع حزب الأمة ملحوق ، وقد يكون ضرورة وطنية ، ولكن ليس على حساب التماسك الثوري المأمول منه الكثير في المرحلة المقبلة.


 

 

هناك تعليق واحد:

إبراهــيم ســـليمان يقول...

شاب منتظر]
0.00/5 (0 صوت)
09-02-2012 09:23 AM
إخوانا ناس العدل والمساواة أرجوكم عدم فتح الجبهة مع مناوى في هذه اللحظات
لان الكاتب معروف تنظيميا بعدل و مساواة لو رضيت او رفضتم
هذ صيفكم الساخن أرجوكم ان وتحملوا مع الناس وليس لوحدكم
و ان أردتم التحمل مع الاخرين دون مناوي
مناوي لم يكن فاقد الذاكرة مع لديه في ذاكرته ليس بسيطة
و نتابع و نتابع و نتابع و نتابع


#458791 [آدم إسحق]

3.00/5 (2 صوت)
09-01-2012 04:19 PM
عشرة أعوام و دارفور تدفع ثمن طموح الزغاوة !!!!


#458686 [ادم]

3.00/5 (2 صوت)
09-01-2012 02:13 PM
الاخ الحبيب يبدو انت غير مواكب لمجريات الامور - كيف كان حال الحركات لما مني وقع أبوجا والآن هل تعلم انهم كانو اكثرمن أربعين حركة وانت عندك واحد صغير حسب ما نمي لعلمي ما يسمي بوحدة جوبا سابقا والمهازل التي حدثت فيه ، ا انظر لحال الحركات الان بفضل مجهودات مناوي الان تحرير السودان اثنين فقط وقس بين الأمس واليوم - في خلال عام وبعد خروج مناوي وقع اتفاق مع العدل والمساواة وعبد الواحد ومن ثم توج هذه الاتفاقيات بتحالف كاودا ونت والكثيرون لايعلمون الكثير مع تقديرنا لطبيعة العمل ، ثم الخطوة الثانية كان لابد من عمل تزاوج بين النضال المسلح والنضال المدني لعمل أدوار مختلفة لإسقاط النظام ، بالرغم من عدم انضمام الصادق المهدي شخصيا الي التجمع الوطني الديمقراطي ولكن المذكرة التي وقعها مع قرنق في 1990 بعد خروج الصادق من الخرطوم كان هو السبب الرئيسي في تكثير الهوة بين الاحزاب الشمالية وقوة الإجماع الوطني - من قال لك المذكرة في اطار مؤتمر كما يحلوا لك ؟ الحركة ظلت تدعوا لمؤتمر دستوري لكل الشعوب السودانية لتحديد مصير ومستقبل هذا البلد ومصير ومستقبل هذه الشعوب هذا الحديث ذكره مناوي بعد خروجه مباشر علي قناة ال BBC وانا اجزم لك يا الاخ الحبيب الصحفي المخضرم ، الحيوية التي حدثت الان ووضوح الرؤية في عمل المعارضة والدفعة المعنوية لقوي المعارضة هو بفضل مناوي ، والمعارك في دارفور من قريضه وام دافوق وووووووو غيرها ، باعتراف الحكومة في ام دافوق وحده فقدوا 50 من جيش النظام راجع جريدة الانتباه وووو إسقاط المروحيات باعتراف ممثل الامم المتحدة في مجلس الأمن ، اطلاق سراح اسري بواسطه الصليب الأحمر ..... انت تعرف مهازل والهوة بين الحركات وخاصة العدل وغيره واسألهم الان نائمون في تحالف كودا بفضل هذا الرجل ----- هل سمعت بمحاولة عقد اجتماع في الدوحة بين السيد شريف وحركة العدل والمساواة وفشل اللقاء ههههههههههههههها بسبب تعنت سيد شريف في موقفه وكذلك قس .... في الختام في الختام نطمئنك بان تحالف كاودا موحد عسكريا وسياسيا المذكرة هو في اطار عمل التحالف واشكرك علي مساهمتك في بالكتابة ونرجوا منك المواصلة مع تقديري الخاص لاسهاماتك الكبيرة والثورة ستنتصر


#458678 [أحمد هاشم]
5.00/5 (1 صوت)
09-01-2012 02:06 PM
تحليل ممتاز للواقع السياسي الراهن ليسي لبعض قادة الجبهة الثورية السودانية فحسب بل أيضا رؤساء الأحزاب السياسية الرئيسية. هذا الواقع يتطلب منهم فى الوقت الراهن التسامي فوق النزعات الشخصية والجهوية والحزبية للعمل على وحدة كل القطاعات المناهضة وعلى رأسها قطاعات الشباب فى الأحزاب السياسية الكبرى والحركات الثورية مثل حركة قرفنا والحركات النسوية بالجامعات. لا يمكن إسقاط هذا النظام دون الثورة الشاملة واستخدام القوة العسكرية مع المظاهرات الشعبية فى كل مدن السودان الكبرى. لك الشكر الأستاذ إبراهيم وإن كان هناك قادة سودانيون لا يقرأون ولا يتقبلون وجهات النظر المختلفة والنقد البناء ولا توجد لهم مراكز فكر مستقبلى وإستراتيجى ولهذه الأسباب وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من الهوان.

[أحمد هاشم]