الجمعة، مارس 02، 2012

راديو دبنقا ... ليتها نطقت بالفصحى

راديو دبنقا ... ليتها نطقت بالفصحى
المنظر الإعلامي مارشال ماكلوهان الكندي الجنسية يعتبر من اشهر مثقفي زمانه، وهو صاحب المقولة الشهيرة "القرية العالمية Global Village" وهو من يرى من الناحية الإعلامية "أن الوسيلة هي الرسالة" عبارة يعرفها جميع دارسي نظريات الإتصال الجماهيري، مفادها أن وسائل الإعلام التي يستخدمها المجتمع او يضطر إلى استخدامها ستحدد طبيعة هذا المجتمع وكيف يعالج مشكلاته.

لراديو دبنقا حضور فاعل في عموم غرب السودان، شخصيا شعارها الموسيقي يحرك دواخلي وأنهض من مجلسي متى ما إستمعت اليه، إستفادت الإذاعة من تطور وسائط الإتصال الشخصي المباشر لتتحسس أنفاس الأهالي في المدن والبوادي والحّلال والفرقان، هذه نقلة كانت غائبة، وهي بلا شك من افرازات الثورة في دارفور، لذلك وبحسب نظرية ماكلوهان ستكون لها الدور المؤثر في تحديد طبيعة المجتمعات التي تتلقى بثها الإذاعي على المدى البعيد بطريقة ناعمة قد لا يلاحظها سواء المختصين.

هذه الإذاعة من طبيعة إهتماماتها واللهجة المستخدمة في تقديم برامجها، تعتبر إذاعة موجة من الدرجة الأولى، ولأن حراس بواباتها ليسوا ثوارا أو حكومة (طرف ثالث) خفي، لا شك هناك من يرتاب منها، ذلك أن المسألة ليست تحسس الأخبار وبث موسيقى تدغدغ الوجدان الشعبي القريبة من السطح ضمن إطار دلالي موحد، التأثير هو الهدف النهائي الذي يسعى إليه المرسل وهو النتيجة التي يتوخى تحقيقها القائم بالبث، وحسب نظريات الإتصال تتم عملية التأثير على خطوتين، الأولى تغيير التفكير، والخطوة الثانية هو تغيير السلوك.

كيف تغير راديو دبنقا تفكير سامعيها من مواطني دارفور؟

مما خلق الله الدنيا عموم أهل السودان بكافة فئاتهم يستمعون لراديو ام درمان وهيئة الإذاعة البريطانية، وليس هنالك ما يفيد عدم فهمهم مضامين هذه الإذاعات، فما معنى تخصيص إذاعة تخاطب قطاع واسع من مكونات الشعب السوداني بلهجتهم المحلية، طالما انهم في السابق كانوا يتلقون البث الإذاعي باللغة العربية الفصحى اسوة بالآخرين الذين لهم لهجاتهم الخاصة ايضا؟ على الأرجح الهدف خلق خصوصية لهذا القطاع عن بقية مكونات المجتمع، صحيح الرسالة تصل بصورة أكثر وضوحاً بالعامية لكن لا شك عندنا أنها مضرة على المدى البعيد في تماسك وحدة السودان.

راديو دبنقا تذيع نشرات الأخبار بالداجي المُخل، و احد المذيعين يقرأ تقارير اخبارية بطريقة اقرب إلى الكوميديا تثير السخرية، تذكرنا إذاعة تامبال باي التشادية في الثمانينات عينة من هذه "دخلت قوات الشرطة داخليات طلاب جامعة الخرطوم ووقعت فيهم دق" يذهب نوع من الدراسات إلى أن القائم بالإتصال هو قارئ النشرة فقط، ومن هنا تمكن خطوة طريقة أداء مذيعي راديو دبنقا بغض النظر عن مضمون رسالتهم الإذاعية.

كيف تغير راديو دبنقا سلوك سامعيها؟

إعتياد المستمع على اسلوب راديو دبنقا قد ينّفره عن المتحدثين بلهجات مخالفة وتخلق الكراهية وتساهم في تدهور مستوى الذوق الثقافي العام، وإشاعة روح الإنقسام القومي. يعزز هذا التاثير السالب إيجاز الإذاعة أخبار المركز والولايات الأخرى والذي بدوره يؤثر في التكوين المعرفي للفرد.

على الثوار أن يثوروا بشرف وعلى المعارضين أن يعارضوا بمسئولية، وليس هنالك إختلاف حول العربية كلغة قومية، ومن ضمن وظائف الوسائط الإعلامية تنمية العلاقات الإنسانية وزيادة التماسك الإجتماعي، بالإضافة إلى رفع مستوى الجماهير ثقافيا، وهنا قد يلتبس على تلاميذ المدراس التفريق بين الفصحى و الداجي، لأن المفردة التي يستخدمها المذيع قد يعتقدها التلاميذ فصيحة وبذلك ينحسر الدور التربوي للمدرسة والأسرة. راديو دبنقا بطريقتها الحالية قد تضر بتماسك مجتمع دارفور قبل السودان ككل.

في رأينا أن تذيع راديو دبنقا نشرات الأخبار والتقارير الإخبارية بالفصحى وتقدم الربط الاذاعي وبقية البرامج التراثية والدراما بالدارجي اسوة بما تفعل راديو عافية دارفور هذه الإذاعة الدافئة، وتهتم بعض الشئ بأخبار المركز والولايات الاخرى، وإن تتوفر لديها الإمكانيات فلتترجم برامجها باللغات المحلية الحية أيضا، لأن الطريقة التي تقدم بها برامجها حالياً قد يساء فهمها من قبل إثنيات تعتقد انها غير معنية بما تقدمها راديو دبنقا، خاصة إذا اخذنا في الإعتبار أن لهجات مواطني دارفور والمناطق الأخرى الواقعة تحت بثها الاذاعي ايضا مختلفة بعض الشئ من منطقة إلى اخرى، لذلك يعتبر الفصحى هي الحياد من وجهة نظرنا مع توخي الجدية في تقديم البرامج الاخبارية كإستاندر عالمي.


آفاق جديدة/ لندن


































هناك تعليق واحد:

إبراهــيم ســـليمان يقول...

الاخ الاستاذ / ابراهيم سليمان لك التحية
اولا أحيك على المقال الرائع والتناول الرصين لمضمون اذاعة دبنقا , ولا شك انك لامست امرا مهما فيما يلي أهمية توخي مضامين الوحدة الوطنية في اي رسالة ,نقدمها بغض النظر عن الوسيلة والجمهور.
لا يختلف اثنان وبمسح بسيط لا يحتاج لكثير عناء نجد ان مدى تأثير رسالة دبنقا له نطاق واسع أعني هنا مدى البث واعتقد جازما ان التأثير والتفاعل مع ما تقدمه راديو دبنقا لا يقل عن مدى بثها الاذاعي وبالتالي يفرض بالضرورة ما اشرت اليه ان يكون الوسيلة او اللغة التي تقدم بها هذه المواد يكون جامعا لمكونات الشعب.
امر اخر مهم حتى بالنسبة للزملاء المذيعين في الاذاعة اعتقد من الافيد والافضل لهم استخدام لغة يتحدث بها معظم المكون السوداني ان لم يكن كله , لا سيما وان رسالة دبنقا الحالية له مدى زمني بلاشك سيتغير بتغير الوضع في السودان ودارفور بشكل اخص.
صحيح كما ذكرت ان لكل داعم أجندته ونعلم كصحفيين الى اي مدى يتاثر وسائط الاعلام بالداعمين او حتى احيانا المعلنين , ولا شك ان الداعمين لدبنقا لهم اجندتهم ولكن اعتقد ان المضمون والرسالة قد وصلت خلال هذه المدة وان الاوان لان يكون لدبنقا رسالة جامعة للشعب.

سعدت كثيرا وانا أقرأ لماكلوهان وطني (ابراهيم سليمان ) وهو يقدم صوتا جهورا من الريف.
فلك التحية أخي
مع جزيل امتناني
اخوك / حسن فضل