الجمعة، سبتمبر 30، 2011

هل سفينة الإنقاذ لا تزال لا تبالي بالرياح؟


هل سفينة الإنقاذ لا تزال لا تبالي بالرياح؟


في عصر الترف اللغوي وعندما كان الجدال بين الكوفيّن والبصرين من النحاة على أشده سأل أحدهم أعرابي برئ قائلاً: هل ترفع الجبل فرد إنني اذن لعظيم، والآن الإنقاذ كحاكم هرم مستبد يتوكأ على عصا العشائرية وينهض من كل كبوة على ساعد الجهوية إن تمكن هذا النظام من إخضاع جبل مره وجبال النوبه وجبال الأنقسنا إلى سلطاته انه إذن لعظيم، ، ولتقريب صورة الإنقاذ في الوقت الراهن دعنا نرسم لوحة كاراكورية لمشهد سفينته التي أبحرت منذ أكثر من عقدين من الزمان إلى وجهة هلامية دون مبالاة بما حولها.

سفينة مهترئة يتشابك ربانها المتشاكسون بالأيادي مع ثلاث ثورات فتية في دارفور وجنوب كرفان والنيل الأزرق، ويضغطون بالأرجل على بركان أزمة إقتصادية تمور تحت أقدامهم، وفي الوقت نفسه يحاولون حلحلة ثلاث عقد بالأسنان هي عقدة المعارضة الداخلية، و صراعات المؤتمر الوطني مع فائض تنفيذيه وأزمة المحكمة الجنائية، وعلى هؤلاء الربان المنهكون الإحتفاظ بلياقة كافة لمنازلة باقان اموم في ساحات مفتوحة في أبيي وميناء بشائر.

وعلى خلفية هذا المشهد أعاصير رياح الربيع العربي الهوجاء تسد الأفق من ثلاث جهات، الشرقية والشمالية والشمالية الغربية وعلى هؤلاء الربان "الأشقياء" الإحتفاظ بتوازن سفينتهم وألا يسنوا ان ما من ثلة ترنحت سفينتهم هذه الأيام ثم استقامت حالها.

ماذا تظنون بسفنيه هذا شأنه؟ غارقة لا محالة اللهم إلا إن كانت من ألواح ودسر الجودي

علماً بأن هذه السفينة تبحر في مياه ملغمة بقرارات دولية تستهدف الكبار من أفراد طاقمها، وهي مجهولة الوجهة، في البدء زعم طاقمها أن وجهتها حضارية إتضح لاحقاً ان شواطئ هذا الهدف كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وبعد طول مسير وإلقاء جزء من حمولتها في عرض البحر أعلن نائب الطاقم بأن الوجهة التالية الجمهورية الثانية دون تحديد موقعها الجغرافي أو ملامح خارطتها لذلك من المتوقع أن توغل هذه السفينة في "التوهان" إن لم يتم إنقاذها.

هذا المشهد المأساوي أكمله نظام الإنقاذ بإعلانه الحرب على النيل الأزرق وليس بإستطاعة احد إستبعاد أي عنصر من عناصره الواقعية،  فوالي النيل الأزرق المنتخب تم تجريده من صلاحياته وأعلن النظام الحرب على اهله الذين نصوبه والياً شرعياً عليهم، ومالك عقار أحق الناس بالإستماته في قتال  الإنقاذ مقارنة بثوار دارفور وجبال النوبه لأنه والي منتخب تم عزله "بالرجاله" وليس بالدستور، وسبق أن حذرنا من خطورة "الهظار" مع مالك عقار ولكن لسان حال قادة الإنقاذ تقول "سيبك من الهظار الإنتخابي، فليبل  نتيجة الإنتخابات ويشرب موته ويبقى مارق للشكل الجد" دون مبالاة لمغزى زيارته الأخيرة للخرطوم في معية الرئيس الأثيوبي مليس زناوي، وكانت القراءات تشير إلى أن الإنقاذ كعادته "سيلحس" كلام رئيسه على مراحل نتيجة لنجاحات الحلو ويقبل إتفاق أديس أبابا الأخير بهدف الوقيعة بين الحلو وعقار ومحاولة تفريغ إتفاق كاودا من مضمونه، ذلك أن هذا الإتفاق في حنيه كان كفيلاً بإخماد الجبهتين بحجر واحد، اما الآن فالمراحل التي وصلتها ثورة الحلو تغريه برفض حلول التجزئة للمشكل السوداني، ولعله بتبنيه شعار الجبهة الوطنية العريضة "إسقاط النظام"  بكل شجاعة وإصرار وضع نفسه على منصة البطولة القومية وليس من المتوقع التراجع عنه حتى إن اضطر للتمرد على الحركة الشعبية الأم.

وحسب إفادات رئيس قطاع الشمال بلندن الأستاذ كمال كمبال لآفاق جديدة أن أبناء النوبة الآن في افضل أحوالهم من حيث وحدة الكلمة والهدف والإلتفاف حول قائدهم الحلو، ولا شك أن العدوان الحكومي على الأنقسنا وعزل زعيمهم المنتخب سيقوى تماسك أبنائهم ضد الظلم والإستهداف الغير مبرر، فإن أراد النظام نزع سلاح المسلحين فليفعل ما إستطاع إلى ذلك سبيلا ولكن هذا ليس مبرراً على الإطلاق لدك القرى الآمنة وإبادة الأبرياء، هذا تصرف مجنون بلا شك.

وبتسليط الضوء على جبهة دارفور كجزء من مشهد سفينة الإنقاذ المشتبكة مع عدة جهات والمهددة برياح هوجاء ونذر بركان أهوج، هناك أكثر من سبب لتسخين هذه الجبهة، اولاً ضرورة إفشال إتفاق الدوحة تحتم على الحركات الفاعلة إثبات إمساكها بزمام الأمور وليس "أفندية" التحرير والعدالة، وإفهام "ترزيه" الدوحة بأن السلام مقدم على التنمية، ثانياً ما يقتضينه إتفاق كاودا من تشتيت جهود قوات النظام، وليس من المنتظر إنزال مقاتلي عبد الواحد نور من سفوح جبل مره وإرسالهم إلى جبال النوبه، وليس من المتوقع تحريك قوات منى من شمال وجنوب دارفور إلى جنوب كردفان، لأن إتفاق كاودا عملياً من المتوقع أن يكون تناغم العزف في عدة جبهات لنوته موحدة رفعه الحلو من مقطع واحد "إسقاط النظام"

والحركة الشعبية بلا شك تتمنى الموت لنظام الإنقاذ، لأنه سبب "الدشمان" في جبال النوبه والإنقسنا وابيي، وليست مستعدة للجدل والعراك بشأن اية سفينة ترسو في ميناء بشائر، وأخلاقياً لا تستطيع التفرج على قوات النظام وهي تحاول سحق أبناء النوبة والأنقسنا، ولذلك لن تتردد في تزويد النيران التي أشعلتها النظام بفائض الوقود التي لا تسطيع تصديرها إلا شق الأنفس إن كان من شأن هذه الثورات القضاء على نظام الإنقاذ وتخليصها من شروره ما ظهر منها وما بطن، والشكوى المرفعة حالياً من قبل خارجية الإنقاذ لمجلس الأمن الدولي هي أقصى من يمكنها فعله، والحركة الشعبية لديها عدة شكاوى في ذات الصدد، والمجتمع الدولي يعلم علم اليقين توسط النظام في تسليح حركة حماس ورغم أن حرب حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي مشروع، إلا إن المجتمع الدولي لا يعنيه هذه المشروعية والإنقاذ أعجز عن الدفاع عن مساندته لها وعليه من الأرجح ألا تجد شكوى النظام أذن صاغية من مجلس الأمن.

من الواضح أن سفينة الإنقاذ لا تزال لا تبالي بما حولها من معطيات داخلية ومتغيرات دوليه من فرط غرور طاقمها والثقة المفرطة التي يتسربل بها رائدها ولكن الشعور بالنجاح هو بداية الفشل والظروف محال أن تخدم أحد للأبد، وقد خدمت الإنقاذ بلا حدود لأكثر من عقدين من الزمان، ورغم أن سفينته ظلت مبحرة بفضل إشعال النيران من المتوقع أن تحترق بها طالما أن طاقمها لا يبالي بالرياح وطالما أن عدم المبالاة أدب أصيل من أدبيات الإنقاذ أليس طلائعه من أنشد قائداً

·       الليل ولّى لن يعود وجاء دورك يا صباح وسفينة الانقاذ سارت لا تبالي بالرياح

·       لا أبالي لا ابالي أنني شعب رسالي

آفاق جديدة/ لندن

ليست هناك تعليقات: