الجمعة، سبتمبر 30، 2011

تداعيات الثورة الليبية على الثورة الدارفوريه


تداعيات الثورة الليبية على الثورة الدارفوريه

منذ البداية أفصح ثوار ليبيا من بنغازي عن تحيزهم ضد الأفارقة المتواجدون بالأراضي الليبية لمساندتهم كتائب القذافي وهذه حقيقة إنتهى الجدال فيها ورغم أنها جاءت بقرارات فردية حسب تصريح رئيس المجلس الليبي الإنتقالي السيد مصطفى عبد الجليل مؤخراً ليس من المتوقع أن يغير الثوار موقفهم السياسي والنفسي من هؤلاء أفراداً أو تنظيمات بين عشية وضحاها، وبشكل عام الأفارقه لم "ينستروا" مع الثوار فقد إمتنع الإتحاد الأفريقي عن الإعتراف بالثورة الليبية حتى اللحظة مصريّن على إستسلام آخر جندي من كتائب القذافي لإنزال الراية الخضراء من علو ساريتها بمقر الإتحاد، وللوقوف على حجم الإفرازات المحتملة من إنتصار ثوار ليبيا وإنهيار نظام القذافي نحاول أولاً رصد ما قدمه النظام البائد لثوار دارفور من معينات مادية ومعنوية طيلة عمر الثورة.

بتمحيص للمعارك والعمليات العسكرية التي خاضها ثوار دارفور ضد النظام ليس من قرينة تدل على الدعم العسكري المباشر من العقيد لهم، فالأسلحة المستخدمة من قبلهم رشاشات خفيفة وهي متوفرة تجارياً في ربوع السودان والسيارات أيضا معظمها مستعملة حسبما تظهرها أجهزة الإعلام، وهنالك معلومات تفيد أن حركة التحرير تحصلت في بداياتها على سيارات دفع رباعي عن طريق دبي بتمويل من رجال اعمال دارفوريين إنحازوا للثورة وما نعلمه من أرض الواقع أن الثوار استولوا على مركبات ومعدات من قوات النظام ومن الأهالي، وإن ساند العقيد الثوار بتقديم آليات ثقيلة ومضادات للطائرات لتمكنوا من التصدي لطائرات الأنتونوف المروعة ووضع قوات النظام عند حدها وحماية المدنيين ومرافقهم الخدمية من التدمير التام.

وعليه مستبعد تماماً حصول الثوار على اسلحة نوعية من العقيد، ومن الجائز حصول بعض الفصائل على بضعة أكياس عدس عن طريق بعض القيادات التي كانت تقيم في ليبيا أمثال القائد محمد صالح حربه والسيد عثمان البشرى عضو اللجان الثورية والذي عاد إلى الخرطوم في ظروف غامضة قبل أسابيع من تفجير الثورة في بنغازي.

محاولات العقيد لتوحيد ثوار دارفور لم تكن جادة، بداءً من الإعداد لمؤتمر حسكنيته "الكارثي" وتقديم البسكويت للضيوف حسب إفادات عراب المؤتمر ومؤتمر سرت الذي اختتم في الجلسة الإفتتاحية بسبب سوء الإعداد و شُح صبر العقيد انتهاءاً بمؤتمر الكفرة الذي مهد لميلاد حركة التحرير والعدالة والتي إستسلمت لنظام الخرطوم حسب تقييم الكثيرين لإتفاق الدوحة، إلا أن الحدث الأهم والأخطر في خضم علاقة الجماهيرية بالثورة الدارفورية هو إستضافة العقيد للدكتور خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة عندما عزّت الضيافة حسب تعبير شقيقه د. جبريل، ولكن هذه الضيافة في رأيي تبدو ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، فالعقيد لم يطعم حركة خليل ولم يتركها تقتات من قشاش الأرض وإن كان العقيد من حيث يدري أو لا يدري فإن ضيافته هذه كانت مكملة للتآمر الدولي الرامي إلى تحجيم دور الحركة سيما وأن العقيد قد بارك تطبيع العلاقات السودانية التشادية وإلتزم بإرسال قوات جماهيرية لمراقبة الحدود، في وقت تبدو فيه وضعية حركة العدل والمساواة لا تسمح بإظهار المسألة بهذا الشكل ومن سوء الطالع إنهيار السقف على رأس الضيف والمضيف قبل ان يتبين الأمر، وفي تقديري أن ثوار ليبيا ينبغي عليهم النظر بموضوعية لوضعية الدكتور خليل عما إن كان قيد الإقامة الجبرية من قبل العقيد أم انه كان مستأنس الضيافة وهذا الامر ليس بالسهل في ظل فرض نظام الخرطوم نفسه عليهم.

ومما زاد تعقيد علاقة د. خليل بالعقيد فتح نظام الخرطوم المجال الجوي السوداني لطائرات النيتو لتنفيذ الحظر الجوي على الجماهيرية ومشاركة قواته في القتال إلى جنب الثوار ضد كتائب العقيد حسب تصريح قادة المجلس الثوري الإنتقالي هذا العضد  ليس نكاية في حركة العدل والمساواة وثوار دارفور فحسب بل ظنا من قادة النظام ان الثوار إسلاميون وقد استغلت الآلة الإعلامية والدبلوماسية لنظام الخرطوم وضعية د. خليل بأقصى قدر ممكن بصورة تفتقد النخوة السودانية الأمر الذي وضع إعلام حركة العدل والمساواة في موقع مدافع على الدوام في لحظة حرجة رفّعت فيها ناطقها الرسمي المتمرس والمدافع الشرس الأستاذ احمد حسين آدم إلى منصب مستشار لرئيس الحركة بعيداً بعض الشئ على الواجهة الإعلامية في وقت هي في أمس الحاجة لأكثر من مبارز في هذا المضمار.

لم يلتزم العقيد بقرارات محكمة الجنايات الدولية الصادرة بحق المشير لكن في السنوات الأخيرة علاقة العقيد بالمشير لم تكن على ما يرام فقد تجاوزه في الدعوة لقمة الساحل والصحراء التي إنعقدت بالجماهيرية العام المنصرم وهذا الفتور قد يكون سببه تفضيل الخرطوم للدوحة منبراً للتفاوض بشأن دارفور ولكن ليس بسبب انتهاكات النظام في دارفور باي حال من الأحوال وإن كان العقيد مع المشير عسل على لبن لإختلف الوضع في وادي هور بالنسبة لحركة العدل والمساواة بالذات على أثر مغادرتها جبل مون وعدوله مضطرة وتعكير أجواء الحدود السودانية التشادية بالنسبة لقواتها، إذن ما يمكن قوله أن موقف العقيد من الثورة في دارفور محايد إلى حد التآمر "المدغمس" ومعنوي بشكل أو بآخر وأهمها في آخر أيام العقيد السماح لثوار دارفور بالتمركز في وادي هور ورغم أنها أراضي سودانية ولكن بالنظر للسلوك المتهور للعقيد لا يمكن للثوار التحرك في تلك البقاع بدون مباركته.

ومن هنا نمسك بأهم تداعيات التحول الراديكالي في ليبيا على الثورة في دارفور، لا شك أن وادي هور لم يعد رمال ناعمة لقوات حركة العدل والمساواة وثوار دارفور عموماً لم يجدوا مسارح افضل من الحدود الغربية والشمالية الغربية من حيث دعم الأهالي والطبيعة الصحراوية وشبة الصحراوية التي اعتادت عليها قواتهم ولكن نظراً للوجود الدولي الكثيف في ليبيا الثورة ليس بمقدور الثوار السماح لقوات النظام الإستفادة من الإمكانيات الليبية لضرب ثوار دارفور أو التمركز بالقرب من خطوط الإمدادات في الكفرة مما يعنى أن وادي هور سيكون هادئ في المنظور القريب.

الأمر الثاني لا أعتقد أن المجلس الثوري الإنتقالي سيفرج عن الدكتور خليل ويسمح له بالإلتحاق بقواته التي إلتحمت مع قوات عبد العزيز الحلو بجنوب كردفان في ظل أفضال النظام عليهم وإن فعلوا هذا سيتركونه لمواجهة مصيره تحت رحمة الاستخبارات السودانية والتي سارع رئيسها محمد عطاء إلى طرابلس فور سقوط مجمع باب العزيزية، إذن فترة الحكومة الانتقالية بليبيا بلا شك ستكون عصيبة بالنسبة لحركة العدل والمساواة اللهم إلا إن تمكنت من تخليص زعيمها من براثن العقيد والثوار معا وإلحاقه سالماً بقواته ومما شك فيه أن السيد عثمان البشرى سيفشي أسرار علاقة العقيد بحركة التحرير ــ فصيل الوحدة للنظام للمتاجرة بها لدى الثوار.

إذن خلاف ما سبق الوجود الثوري الدافوري داخل الجماهيرية قبل انهيار نظام العقيد شبه معدوم فالقائد عبد الواحد نور المتواجد قواته بجبل مره ليس له علاقة بنظام العقيد منذ البداية وبقائه وذهابه بالنسبة له يبدو سيان والقائد منى في مرحلته الثانية فضّل الهجرة جنوباً إلى جوبا وكمبالا وله مواطئ قدم بجنوب دارفور وحركة التحرير والعدالة إنتهى أمرها وإن عادوا كثوار كما فعل السيد منى والعود أحمد ليسوا في حاجة للعقيد.

ولكن رب ضارة نافعة، فإن ضاقت الأرض بثوار دافور ولم يجدوا بد من الإندماج المصيري مع ثوار جبال النوبة ووضع إتفاق كاودا محمل الجد فالمسألة بالنسبة لهم ستكون مسألة حياة أو موت مستلهمين العبرة من إنتصار الثورة الليبية المسلحة في ستة أشهر وسهولة سقوط طرابلس و فضح اكذوبة مجمع العزيزية وخواء كتائب القذافي كل هذه المسائل قد تفجر روح قتالية غير مسبوقة وتحدث تغييراً على الأرض تدفع الشارع السوداني للنهوض من ثباته، خاصة في ظل هذه الأوضاع لا يستطيع النظام الإقدام على المشورة الشعبية ولم يجرؤ على مس رأس مالك عقار المرفوع كما هدد ماجد سوار والإمريكان على قاب قوسين أو أدنى من الإقتناع بأن نظام الخرطوم  قد أستنفذ أغراضه وتحول إلى Big troubles maker وبإمكانها دعم الثوار عبر جوبا أن رأت تماهي النظام والثورة في ليبيا وليس من المنتظر أن تتفرج المجتمع الدولي على حراك تكامل إقليمي تهدد مصالحها الاستراتيجية في وجود بدائل جادة مطروحة في الساحة والأيام لا تزال حبلى بالمفاجآت قد تسر أناس وتحبط آخرين.

هناك 5 تعليقات:

Ibrahim Suleiman يقول...

الأستاذ/ ابراهيم
كل عام وأنتم بخير
ـ أسعدني الحظ اليوم بمطالعة تحليلك الرصين وقراءتك الواعية لما يجري في ليبيا وانعكاساته على السودان ( الحكومة وحركات دارفور).
ـ واقع الحال أن سعادتي كانت مضاعفة، مرة لأنني حصلت على ايميلك للتواصل ، وثانية لعمق التحليل وطريقة التناول التي تختلف عن كل ما قرأته من تحليلات في هذا الصدد، خاصة وإن كاتبه زميل دراسة.
ـ عموما أنا في جريدة "العرب" القطرية منذ أربع سنوات .
ـ آمل في التواصل ومعرفة أخبارك.

البدوي يوسف

Ibrahim Suleiman يقول...

الأستاذ إبراهيم سليمان تحية وتقدير، مقال دسم وبه تحليل سياسي واقعي، وبلا شك الثورة الليبية ستلقي بظلالها ليست على الثورة بدارفور فحسب، وإنما على كل السودان، كما أمل تسليط الضوء بمقالتكم القادمة على الثورة الليبية وتداعياتها على انتعاش سوق الكفرة، والنشاط التجاري بدرب الأربعين، بين الكفرة، وشمال وغرب السودان الذي حرص العقيد على إيقافه، وبإيقافه نمت حركات قطاع الطرق والتي تحولت بعد فترة لنهب مسلح ومن ثم تسليح القبائل، الخ

السودان بلد مترامي الإطراف، ومتنوع، وبفشل إدارة هذا التنوع فشلت الدولة، فدعواتي بصلاح الحال واللطف بأهل السودان.



أمل من الأخ العزيز م. بكري وضع هذا المقال بالعنوانين البارزة للمزيد من التداول والمدارسة، ولكم وافر تقديري واحترامي.
محمد الأنصاري

Ibrahim Suleiman يقول...

عيداً سعيد وبخيت وربنا يخضر ضراعك

وكل عام وانت بخير

قرأت مقالك بعنوان الثورة الليبية وتداعياتها على ثورة دارفور

كلام في الصميم ونحتاج في الحقيقة لهذا النوع من المقالات هذه الايام

لانه تأكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك ان العديد من ابناء درفور قتلوا من قبل الثوار

لا لشئ فقط لدكنة بشرتهم وهذه مسألة تتطلب اصوات مختلفة تقوم بحملة إسعاف ما يمكن إسعافة

من ابناء الهامش في ليبيا

أعتقد انك وآخرين يمكنكم الصدع بحق الغلابى

وكل عام وانت بخير



جبريل أدم بلال

Ibrahim Suleiman يقول...

mjhuytrrrr 03/09/2011 13:01:53

ممتاز ولكن لازم تعرف ان الطريق الي الخرطوم تمر بانجمينا ونهاية ديبي تسهل الطريق الي الثورة السوذدانية التي كتفها ديبي كثيرا والمرة الجاي فتش ليك زول يصحح اخطائك الاملائية كان داير تكتب في السياسة

Ibrahim Suleiman يقول...

khalid ahmed 04/09/2011 02:41:58

الزول ده انصحوه لو مفتكر روحه مشروع صحفي ولا مصيبة زمان يشوف له شغلة غيرا...هههههههه...ده تحليل ولا فكرة ولا قراءة لا موضوعية ولا هترشة؟ يفتل ويحل لوحده...ههههههههه...خليل ده لو عندك به صلة انكرها اخير ليك...ودعم القذافي لكل مرتزقة افريقيا والعالم بات مثبت بالمستندات وناس المؤتمر الوطني بعد ده الداير يحاججهم -حتى لو كان العميل اوكامبو ذات نفسه- غلياتي بمستندات غير مزورة تدحض ما يملكون من مستندات وكل ما كان يدور من مسلسل الحركات والاحزاب المعارضة ****ارة عن مسلسل تركي بات في حلقاته الاخيره