الجمعة، يوليو 01، 2011

المقاصد السياسية من ترويع الدينكا والمسيريه

المقاصد السياسية من ترويع الدينكا والمسيريه
المناوشات العسكرية بين شريكي نيفاشا ليست امرا جديدا، حدثت ذلك مرارا على مدى عمر الاتفاقية وعلى طول خطوط التماس الساخنة في اعالي النيل والوحدة وبحر الغزال، وكان ضبط النفس والجار بالشكوى لشركاء الاتفاقية هي السمة السادة، بيد ان هذه الوتيرة اختلت بشكل دراماتيكي ايزاء الهجوم الاخير من قوات الحركة على الطوف الحكومي والاممي تمثلت في اجتياح القوات المسلحة لمدنية ابيي اسفر عن قتل الابرياء وتروع سكانها وتدمير بنيتها التحتية، هذا الحدث لم يكون معزولا عن الواقع السياسي بالساحة وهو ما دفعنا لمحاولة ربط الامور ببعضها لتوضيح المشهد بشكل جلئ قد يساهم في بلورة فهم الحقائق.
من المرجح ان القوات المهاجمة للطوف الامني قوامها ابناء ابيي بالحركة الشعبية مبتغين فرض واقع يرونه افضل من نتيجة استفتاء محفوف (بالخج) وغير مضمون النتائج انطلاقا من خليفة نتائج انتخابات جنوب كردفان التكميلية، وللمصلحة العامة كان بإمكان رئاسة الحركة الشعبية انتساب الحدث لقوات فالتة وما اكثرها، وكلننا تفاجئنا بصدقية وشفافية الحركة باعترافها بالحدث.
وكان بمقدور القوات المسلحة ان تكتفِ بتعقب القوات المعتدية على الطوف على تخوم ابيي وابعادها الى ما وراء النهر (بحر العرب) ولا حاجة لها في اجتياح ابيي ولكن بدلا عن ذلك نقذت سيناريو القط والفار قائلة للحركة الشعبية لماذا تثير علىّ الغبار وهما في عُرض البحر لتبرر لنفسها هذه الخطوة (الاجتياح) ذلك ان الاعتداء لم يكن داخل المدنية والتي تحكمها اربع بروتكولات عقدت وضعها اكثر فاكثر.
النظام تعلم ان الحركة الشعبية ليست لديها ما تفدي بها ابيي، لذا اولى رسائلها من الاجتياح المعطيات تشير الى انها موجهة الى المجتمع الدولي مفادها ان كنتم وجلون من تصرفاتنا وحريصون على صحة وسلامة مولودكم المدلل عليكم ان تفدوا ما يعكر صفو طفولته الباكرة.
فان كشّرت الولايات المتحدة غمزت لها حكومة الانقاذ عينها اليمنى ملوحة الى قوائم الدول الدائمة للإرهاب والحصار الاقتصادي، وان غضبت بريطانيا رفرفت لها اليسرى مشيرة الى الـ Icc وفي حال دخول الاتحاد الاوربي على الخط، رفعت لها ديون نادي باريس وحرمانها من استحقاقات مبادرة الهيبك.
والارواح التي ازهقتها قوات الانقاذ في ابيي وما تعرض لها الاهالي من ترويع وتهجير قسري وتدمير للبنى التحتية لا تساوي شروي نقير عند قادتها في سبيل كسب نقطة واحدة في اية من الملفات المشار اليها.
داخليا الرسالة الاولى موجهة الى قوى المعارضة الوطنية، والغرض منها ارباك حساباتها السياسية، وحشرها عنوة في خندق النظام (النتن) لعلم السلطات افتقار قيادات تنظيمات المعارضة لجرأة التعاطف مع الحركة الشعبية في هكذا حادثة ليست خوفا من بلاطجة نافع وسلاطة لسان الخال الرئاسي فحسب بل تحسبا للمحاسبة التاريخية واعتبارا لبطاقة الناخب المسيري طالما انهم على قناعة ان الديمقراطية عائدة وراجحة وبذلك تفك وشائج الانسجام بين التنظيمات التقليدية والحركة الشعبية قطاع الشمال سيما وان الحركة الشعبية هي البادئة بالهجوم على القوات المشتركة على تخوم ابيي.
اما الرسالة الثانية داخليا فهي موجهة لثوار الفيس بوك والتويتر، مفادها لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وقد تجلت مضمون هذه الرسالة في مسيرات تأييد القوات المسلحة التي جابت شوارع العاصمة، تتقاطع مع الرسالة الثالثة والمتمثلة في ترميم الثقة واعادة الاعتبار للقوات المسلحة التي نامت راداراتها عن رصد الاختراقات الاسرائيلية المتكررة للأجواء السودانية، ولولا اجتياح ابيي لما وجد الفريق عبد الرحيم محمد حسين وجه تأهله لدخول البرلمان ومخاطبة الشعب السوداني على ذاك النحو من الزهو والخيلاء والذي اغرى قواته للشروع على مضد في نزع سلاح قوات الحركة الشعبية بجبال النوبة حتى قبل التاسع من يوليو.
رابعا لا شك ان السلطات قصدت اعادة خلط التركيبة الديمغرافية للمنطقة مستهدفة الحركة الشعبية والدينا نقوق تحديدا وقد انتهجت سيناريو "احبس البقر واعقر التور" ضمن مسعاها اولا لتدارك تفريط وفدها التفاوضي بنيفاشا في اراضِ واقعة شمال حدود الـ 56 وتمييع وضعيتها السياسية وثانيا احالة ملف القضية الى محكمة العدل والدولية بلاهاي التي اعتبرت المسيريه مجرد ضيوف على مراعي الدنيا نقوق.
خامسا اجتياح ابيي جمد وتيرة الاستقطاب وسط عضوية المؤتمر والوطني وصرف مجالس المدن والاقلام المتربصة بالنظام عن تأجيج نيران الصراع بين اجنحته، وسادسا قرع طبول الحرب يخلق سببا وجيها لوزير المالية لرفع اسعار السلع الضرورية وتوسيع مظلة التحصيل الضريبي دون ان يجرؤ احد ان ينبس ببنت شفه، ويبرر استثناء القوات المسلحة والامنية من الصرف البذخي خلال الازمة المالية التي تنتظر النظام بعد التاسع من يوليو.
حسنا فعلت الحركة الشعبية بتفاديها المواجهة في ابيي ولكنها وجدت نفسها مجبرة عليها في كادقلي ومن المحتمل ان يكن ذلك قد تمت حتى بدون انتظار الإذن من رئيسها الذي توجس خيفة من زيارة الجبال اثناء الحملة الانتخابية التكميلية تصديقا لإشاعات امن النظام بالشمال، ولولا الاجتياح السلس لابيي بلا شك لتريثت القوات المسلحة ايزاء الشروع في نزع اسلحة قوات الحركة الشعبية بكادقلي والذي اشغل فتيل الحرب الدائرة الان.
من الواضح ان السلطات تلعب بولوتيكا بأرواح الناس وامنهم وممتلكاتهم دون مبالاة، وتدغدغ مشاعر فرسان المسيريه تعبئة واحباطا دون اعتبار للعواقب المميتة يضاف الى ذلك حاجته الماسة لمبرر اعلان حرب اخرىfresh في اية بقعة غير البقعة لقطع الطريق امام عواصف الربيع العربي ولهذا فان اجتياح ابيي وافتعال الحرب في كادقلي كلاهما غير مبرر، ولكن يبدو ان النظام اساء التقدير واخطأ الحساب، فهاهو راس النظام وهامانه يعودان ادراجهما من اديس ابابا بدون حمص، والادهى و امر لأول مرة نرى رئيس دولة محترمة يهرول لمقابلة وزيرة خارجية دولة مهما عظمت خارج بلاده وهو يعلم ان مصيره الصدود وقد كان؟؟
حتى هذه اللحظة النظام يحصد الهشيم من اجتياح ابيي والمكاسب الداخلية التي تحققت انية ولم يتحسب لأثارها الجانبية من احباطات واشاعة عدم الاستقرار السياسي والفوضى الامني بالبلاد سيما وان رأسمال المستثمر الاجنبي جبان وشديد الحساسية لقعقعة السلاح، والذين اوقدوا الحرب اللعينة والامبررة على رؤوس الجبال لا يستطيعون التكهن الى اين ستصل السنة لهيبها.
هذا المال من بعضه، فالنظام هكذا يتخبط من مس الشمولية لا كثر من عقدين من الزمان والظروف وحدها هي الخادمة الرئيس وان لم يكن الاوحد في استمراره ولكن ليست كل مرة تسلم الجرة.
ebraheemsu@gmail.com

ليست هناك تعليقات: