الخميس، يوليو 01، 2010

كيف ينطاق هوان الأمة؟

كيف ينطاق هوان الأمة؟
تأملت ملياً في أبعاد إبتلاء السودانيين في لبنان وجال في خاطري مجزرة ميدان مصطفى محمود المؤسفة بالقاهرة وقفزت في ذاكرتي أحداث مدنية الزاوية الليبية، وأنا في هكذا غمة مدلهمة وجدت نفسي أترنم تلقائيا برائعة خليل فرح "الشرف الباذخ" حردت لساني لفترة ليست بالقصيرة في مقطع "يا نزلانا أمرقوا الذمة X كيف ينطاق هوان الأمة" ترحمت على عملاقنا خليل فرح ودعوت بدوام الصحة وطول العمر لاستاذنا الجليل في المرحلة الإبتدائية محمد عبد الله إبن مدنية نيرتتي الذي ضرب بالمنهج عرض الحائط وفرض علينا حفظ هذا النشيد وشجعنا على الترنم به، وهذا الأستاذ الفاضل يكبر في نظرنا يوما بعد يوم كلما كبرت مداركنا، فإن لم يكن وطنيا متقدما في رؤاه ومثقفاتي لا يشق له غبار كيف يفرض على يافعين أمثالنا في أحراش الهامش الترنم بمثل هذه الدرر رغم إغفال القائمين على أمر المناهج لأهمة غرس مثل هذه القيم في وجدان الأجيال في أعمار مبكرة.

النكاية بمواطنين ينتمون للأمة السودانية ويحملون جنسيتها بالكيفية التي حدثت لنفر كريم منهم في لبنان ليست هي الأولى من نوعها في عهد نظام الإنقاد الدخليل على الشعب السوداني، وهو أول من إستهدف كرامته وتعمد إضطراره لأمكنة المذلة الهوان، وبالتالي فهو ليس معنيا بنجدته مهما علت صرخاته وتكررت توسلاته، والطفيلي الدخليل على الشعب السوداني الذي ذكره خليل فرح في "الشرف الباذخ" ليس بالضرورة أن يكون غازياً اجنبياً، فكل من يتولى مقاليد البلاد ويتخلى عن قيم السودانيين المتأصلة في الإباء وعدم التساهل مع كلما تمس كرامة أفراد الأمة فهو طفيلي دخيل، وهذه الطفيلية السمجة والدخيلة هي ذاتها ما عناها أديبنا الراحل أبا زينب في مقولته الشهيرة "من هؤلاء ومن أين أتوا".

لقد ولى شرف الأمة السودنية وضل مجدها مع بزوغ فجر الإنقاذ، وبات المواطن السوداني قابل للصفع والإهانة أينما وجد، ولا عزاء له سواء المنظمات الحقوقية والميديا العالمية، وحقيقةً ما هانت الأمة السودانية يوما إلا في عهد الإنقاذ، ومن يهن يسهل الهوان عليه، فقد كان المغترب السوداني يملأ مركزه أينما وجد، ولا يجرؤ أحد على أن يقول له عينك في رأسك، لأن ظهره محمي بحكومات قومية معتبرة دوليا حتى الشمولية منها لا تعرف العنصرية والتمييز الجهوي للمواطنين، وكان بإمكان المواطن السوداني العودة إلى بلده طوعاً خلال أربع وعشرون ساعة، وبإستطاعته مزاوله عمله بالداخل في اليوم التالي، ولا يزال ذاكرة المغترب السوداني تختزن سيرة المواطن السوداني الذي صفع أميراً خليجياً إنتصاراً لكرامته وصوناً لمكانة مواطنه الأبي والذي إصتحبه النميري في طائرته الرئاسية الخاصة، وهنالك من يزعم أنه كرمه، وقبل شهور كنا نضرب كف بكف ونحن نتابع محنة الطيبب السوداني الذي إرتهن كفيله السعودي جوازات زوجته وأطفاله كنوع من الإبتزاز المهين للتنازل عن مستحقاته ولا ندري كيف إنتهت تلك المأساة، فضلا عن إحتجاز السلطات الإماراتية منذ عدة سنوات لنجل رجل الأعمال السوداني صديق ودعه والذي أصبح (نائبا برلمانيا) دون الإفصاح عن مكانه أو تقديمه للمحاكمه، والأملثة كثيرة ومثيرة وبغض النظر عن ملابسات الحادثتين فالضحايا ينتمون للأمة السودانية في نهاية المطاف، والحديث يطول ويطول أن تطرقنا لحقارة الإثيوبيين للمزارعين بالفشقة، وتمصير المواطن السوداني في حلايب عنوةً.

في عام 2000م قتل 35 مواطنا سودانيا في إحداث عنصرية بمدينة الزاوية شمال غرب ليبيا، وتعرض الناجون من القتل والبالغ عددهم أكثر من سبعة ألف مواطن إلى طوفان عارم من التعذيب والإهانة والأذى الجسيم، كما تعرض أملاكهم للحرق وأموالهم للنهب، وماطلت السلطات الليبية في دفع التعويضات لأسر الضحايا المساكين الذين فقدوا أرواحهم على أيدي الليبين وأمام أعين السطات وفي نفس الوقت دفعت وهي صاغرة تعويضات لضحايا طائرة لكربي بمعدل عشرة ملايين دولار للرأس الواحد، وقد تتجاهلت النظام السوداني قضيتهم الملحة والعادلة في ظروف غامضة إلى يومنا هذا، ومما يجدر ذكره أن أجهزة الأمن السودانية أوقفت صحيفة الوطن لتبني رئيس تحريرها سيد أحمد خليفة الذي فارق دنيانا قبل أيام عليه شآبيب الرحمة بقدر ما قدم لشعبه، اوقفت صحيفته لتبنيه على عاتقه مأساة المواطن السودان في أحداث مدينة الزاوية الليبية، في وقت كان غيره من رئساء التحرير يركضون وراء الإعلان و(البكشيش) الحكومي.

تكررت إحدث مماثلة في الملابسات والدلالة للنازحين المهمشين بميدان مصطفى محمود بحي المهندسين بمصر في سبتمبر 2005م ولا تزال المخيلة تختزن الصور المهينة للاجئين السودوانين وهم يساقون كما تساق العيس بالكرابيج والعصى إلى الحافلات، والتي نتجت عنها مقتل ما لا يقل عن 27 مواطنا سودانيا، بسبب إستخدام الشرطة المصرية للقوة المفرطة لفك إعتصامهم، وكالعادة توارت السلطات السودانية عن مجرد التعاطف معهم بحجة أنهم يحملون وثائق من الامم المتحدة وبالتالي هم تحت حمايتها.
وليت عبارات التنكيل والركل تنهال على صدغ المواطن من أفواه وأحذية الأجانب وحدهم، فقد زُهل الجميع من تصريحات المستشار الدبلوماسي (هناي) الذي صدع بأعلى صوته في بلاد الأجانب واصفا إيانا بالشحاديين، ولا ندري بماذا كان سيصفنا الدكتور (هناي) إن لم يكن شيخا للدبلوماسية الشعبية والرسمية للإنقاذيين؟ بغض النظر عن كونه دبلوماسي(جرمندي) Ranker وأكبر صفعة على جبين الامة السودانية، تتمثل في صدور مذكرة توقيف رئيسها بالأمر الواقع من قبل الـ ICC كأول سابقة في تاريخ الأمم وليتها كانت في صغيرة بل في صحيفة إتهام تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وليس مستبعدا أن تضاف إليها تهمتة الإبادة الجماعية لمواطنيها ويا لفضاحتها لو تعلمون.

النظام لا تحرك ساكنا لهوانه وعنصريته، ذلك أن الشرائح المعرضة لركلات الأحذية بالخارج، قد ركلتها النظام خارج أسوار بالبلاد بعدة طرق، وهو لم يستولي على السلطة من أجلهم، وحتى الذين إختلفوا مع النظام فيما بعد، يهاجرون إلى ماليزيا ويعيشون هنالك كالأمراء، هؤلاء إما نازحين أو لاجئين أو مهجرين قسريا، وعنصرية النظام الفجة تدفعها للتبرء من هؤلاء بالصمت المبطق.

كيف طاق النظام هوان الأمة؟ لأن ضعفها لا تؤهله للتحدق في وجه ليبيا ومصر فقعت عينه بحماقات أجهزته الإستخباراتيه، وأثيوبيا ممسكة بملفات إجرامه، أما لبنان وهي أصغر دولة متوسطية فهى التي توفر فرص العمل للمواطن السوداني في بلده وتساعد في إنعاش إقتصاده النفطي المخدر حسب تصريحات السفير السوداني في بيروت، ولذلك تهون على السلطات السودانية وضع الأحذية على أعناق أناس هامشيون وسط المارة بمنطقة الأوزاعي في سبيل الحفاظ على العلاقات الأخوية وإستقطاب الراساميل اللبناينة، وفوق ذلك فالنظام ليس ناقصا مقاطعة وفي غنى عن المزيد عن الحصار.
اللهم نشكو لك جبروت حكومتنا، وقلة حيلة معارضتنا وهواننا على الناس.
ibrahimbasham@yahoo.com

هناك تعليق واحد:

إبراهــيم ســـليمان يقول...

السلام عليكمWednesday, June 30, 2010 2:57 PM
From: "احمد ابراهيم سليمان" Add sender to ContactsTo: ibrahimbasham@yahoo.comاخي الفاضل متعك الله بالصحه والعافيه واشكرك علي زكرك لاحداث الزاويه لي ابن عم واسمه ابراهيم سافر الي ليبيا وانا اخر انسان ودعه من الاهل وفقد في الاحداث ومن يومها لم نسمع عنه خبر وكل ما اسمع كلمة الزاويه اتزكر ابن عمي نحن نسال الله يجمعن