الثلاثاء، مارس 16، 2010

جلاوزة المؤتمر الشعبي ... ليتهم يصمتون!!

جلاوزة المؤتمر الشعبي ... ليتهم يصمتون!!
ردا على الأستاذ بارود صندل المحامي
خلال السنوات العشر الأولي من عمر نظام الإنقاذ تهتك قناع الإسلام السياسي وتآكلت السترة الدينية التي تقنعت بها أعضاء الجبهة الإسلامية القومية ، وإنكشفت كافة عورات المشروع الإسلاموي في الوقت الذي لا يزال النظام يخفي وجهه ببرقع التوجه الحضاري المُلبك بالغموض... ضحكات المشاهد وقهقهته وصلت مسامع قادة النظام ، منهم من وضع أصابعه في آذانه حذر الموت ، وإستمر في ترقيع ثقوب القناع رثيما تتلف ذاكرة الشعب وتتمكن الفئة من تبديل القناع ، ومنهم من وجد نفسه تحت الضغط النفسي والإخلاقي العنيف مضطرا للتعري الكامل ومواجهة الجميع على حقيقتهم كطلاب سلطة مثلهم مثل خلق الله ، ثمن هذا التعري ضمن لهذه الفئة البقاء على خشبة المسرح عشر سنوات أُخر ولا يزال العرض مستمر... وهنالك فئة ثالثة وهم قلة نحسبهم الصادقون في توجههم ، تواروا خجلا وإلتزموا مصلاتهم.

جاءت مفاصلة التاسع من رمضان 99 ووضعت فساطا رهيفا بين هاتين الفئتين من أعضاء الجبهة الإسلامية ، وإحتفظت كل فئة بنفس سمات شخصية الكادر الإسلاموي خلال مراحلها التنظيرية والعملية والإنشطارية ... فقد عرفوا بشدة الإعتداد بالنفس ، وتضخيم الذات ، ويحضرني مشهد طريف بطله أحد الكوادر الطلابية للجبهة الإسلاموية ، فخلال اسبوعنا الأول من المرحلة الجامعية لفت نظرنا شخص شديد الإعتناء بنفسه يحمل حقيبة "تمكنا" على الدوام تبدو ثقلية الوزن ، محشوة بأوراق وملفات ، متمرس على إستخدام الـ Body Language قدرنا انه محاضر ، وفيما بعد إتضح لنا أنه برلوم مثلنا ، وفي أول ظهور له بركن نقاش قبل بدء الدراسة، إبتدر حديثه معرفا نفسه قائل أنه "كصحفي ومحلل نفسي ..." إنفجر جميع الحضور بالضحك ، ومن يومها أصبح صاحبنا مكان تندر وسخرية ومثالا يحتزى به للشخصية المتورمة، هذه عينة من شخصية كادر الجبهة الإسلاموية وقلما تجد من بينهم متواضع ، لذا فهم على طرفي نقض من التربية الصوفية المتجذرة في المجتمع السوداني والقائمة على التواضع والأدب الجم.

يفترضون انهم جميعا في ذكاء شيخهم حسن وسعة معارفه ، يفسرون تسامح الشعب السوداني بضعف ذاكرتة السياسية ، لديهم نزعة الإحتكار ، من السكر والرغيف إلى الفهم والوطنية ، يبتزون أنصار السنة في إحتكار الدين ويزايدون على أحزاب التحرر الوطني في الوطنية ... يحتكرون منابر التفاوض وتمثيل المهمشين ... يعيدون المحاولة تلو الأخرى لتزييف الحقائق ولا يجدوا في أنفسهم حرجا ... إباحيون ، يبحون دماء الناس وأموالهم العامة ، يتسترون على بعضهم ويطلون من فوق أسوار الآخرين ... يستندون على قوة العين التي جبلوا عليها كابر عن كابر ، تتقاطع هذه الخاصية السمجة لدى طرفا المواجهة المضرية فحوى المقالة المشار إليها، الخال الرئاسي الطيب مصطفى والمحامي الهامشي بارود صندل ، الأول مدافع عن إبن أخته بالباطل وكذلك يفعل الثاني عن شيخه.

لم أحسب أن مثل الأستاذ بارود صندل يكون يوما من الأيام (درق شيخو) ولم أحسب أن محام زائع الصيت مثله تخزله مهنيته في إيراد حجج منطقية تهضمه العقل وتقبله المنطق لو لا أن الطبع يغلب على التطبع ... من خلال كتاباته عرفانه مدافعا على حقوق الضعفاء والمهمشين ، منافحا عن الظلم والحيف في كافة أشكاله ، إلا انه ادهشنا بمحاولته المفاجئة للي أعناق الحقائق مؤازرا زميله المحبوب عبد السلام ... قد نتفهم محبته وإخلاصه لشيخه لكننا نستنكر عليه التربص بحقائق وأحداث لا يزال ضحاياها يتمتعون بكامل قواهم العقليه ، ونستهجن منه تعمد تزيين الباطل بالحق والإيحاء بأن شيخه مبرء من عيوب إنقلاب يونيو 89 المشؤوم، لأن محاولة تحويل شفقة الشعب السوداني على شيخه وزمرته إلى تعاطف سياسي يعتبر أمر متعجل لم يأت أوانه بعد سيما وان جراحات المواطن من إنقلاب يونيو لا تزال مفتوحة والمظالم لا تزال مستمرة.

ومما يؤخذ على حيران الشيخ حسن أنهم يتقربون إليه بإجترار مفرداته ويقلدون أسلوبه الخطابي حد التماهي الأمر الذي قتل فيهم روح الإبداع ، وتكلف الأستاذ صندل في غضبته المضرية المشار إليها لا تخطؤه العين.
حواريو الشيخ شغوفون بتتبع سير المغازي وأثر الدول الإسلامية خاصة دولتي العباسيين والأموميين لكنهم سطحيون فيما عدا ذلك ، يحفظون نصوص القرآن بشكل إنتقائي ويستشهدون بمواقف تخدم مصالحهم ، وهذا ما يفضح نواياهم بأنهم طلاب حكم فقط لا غير يرفعون المصاحف على الأسنة وإذا سمعتهم تعجبك شعاراتهم ، إما أفعالهم فليس بعد الإنتماء إلى شريعتهم حرج.

في صدر مقالته: إسقاط المؤتمر الوطني إنقاذ للبلاد والعباد (1) تناول الأستاذ بارود صندل "توالي" دورات الحكم والتي ذكر رئيس النظام في آخر لقاء صحفي معه إنها بمثابة الدخان الذي أخفى محاسن الدستور 1998 ، متهما خصومهم في الشق الآخر للحركة بأنهم لا يكادون يستوعبون هذه العملية التداولية مع أنها سنة الله ، وهنا نرد ذات التساؤل للمحامي الحصيف إن كان شيخه مؤمنا بهذه القدرية لماذا دبر سرقة السلطة من نواب الشعب بليل؟ ولماذ إستعجل ولم ينتظر نصيبه الحلال من توالي دورات الحكم؟ هل لأن دوائر الخريجيين قد إنكشفت أمرها ولولاها لتذيلت الجبهة الإسلامية قوائم النواب؟ أم أن سرقة السلطة أمر مباح في شرع الحركة!!

يذكر الأستاذ بارود المحامي أن شيخه "يحمل بين كتفيه هم الإسلام وتنزيل قيمه ومثله علي أرض الواقع لخير الناس كل الناس , أهداف سامية". عن أي هم وأية خيرية واية أهداف يتحدث ، ماذا فعل شيخه خلال الستوات العشر من حكمه؟ هل قتل الإنسان لأخية في المواطنة والإنسانية بإسم الدين يعتبر هم من هموم الإسلام أم من أصول قيمه؟ ... هل كان كافة أفراد الشعب سواسية في عين الشيخ ام لديه (خيار وفقوس) ومن المسئول على إحالات الصالح العام وتشريد الموظفين وتفكيك الأسر الذي تمخض عنه أطفال حضانة المايقوما ... هذه الحضانة تعتبر وصمة عار في جبين مشروع الشيخ الحضاري .. وكيف جمع الشيخ الزكاة وفيما أنفقه؟ هذا على سبيل المثال لا الحصر.

ويردف المحامي صندل قائلا "الحركة الاسلاميه ومنذ نشأتها سعت إلى أقامة مجتمع إسلامي معافى في كل مناحي الحياة سياسة واقتصاداً واجتماعاً وعلاقات ألخ..."

وما يمكن قوله هنا من واقع التجربة المديدة والمريرة أن ما تسمى بالحركة الإسلامية ، تسببت في إفساد الحياة السياسية بالكذب والخداع وسممت النسيج الإجتماعي بتزكية روح القبلية والجهوية ، وعكرت الذوق العام بالبذاءة والفحش السياسي فضلا عن التباهي بالثراء الحرام والسلطة المغتصبة ، ودمرت الإقتصاد بإباحة المال العام وتمكين الرأسمالية الطفيلية ، وبالتمعن في أسس مفاصلة طرفي الحركة نجدها جهوية من الدرجة الأولي وهنالك عدة شواهد لأشخاص ناصروا الشيخ في بداية الإنشقاق ثم عدلوا عن مواقفهم عندما إتضحت لهم حقيقة الأمر ، ومن هذا المنطلق يعتبر وصف مناصروا الطرف الآخر بالمارقين ما هي إلا محاولة لتبرئة الحركة من تبعات ما بعد المفاصلة بإختزالها في شخص شيخها وليست في المنهج.

ويضيف المحامي صندل "وبصدق النيات وحسن التخطيط والتدبير وبقيادة ربان ماهر آتاه الله الحكمة" أية حكمة هذه من تحويل حرب سياسية إلى دينية نتيجيتها التتمية تمزيق وحدة البلاد؟ وقد ذكر أكثر من قائد من قيادات الحركة انهم أجمعوا على المطالبة بحق تقرير المصير بعد تحويل الحرب من سياسية إلى دينية؟ ومتى إجتمعت الحكمة مع السخرية الملازمة لشيخه؟ وعن رجالات الحركة الإسلامية التي إستشهدت في ساحات الوغى ألم يحيلهم شيخ الحركة إلى فطائس حسب مزاجه؟ وهل تلك السكوك سكوك حكمة؟

وعن إدعاء إلتفاف الجماهير حول الثورة وصبرها على أذاها هل كان خيار الإلتحاق بالدفاع الشعبي متاحا لقطاعت واسعة من الخدمة المدنية و طلاب المدارس والخريجيين إم كانت الثورة تزج بهم مكرهين إلى تلك المحرقة؟ أم كانت الحريات متاحة للتعبير عما تجيش في دواخل المواطن حتى تصبر أو تدبر عن الثورة!!

يدعي المحامي بارود صندل أن الحركة خلال السنوات العشر من حكمها وسعت الزراعة رافعة شعار نأكل مما نزع ، هكذا يلقي الكلام على عواهنه ، كان الأولى به وهو محامي شاطر إن يأتي ببينة توضح كم كانت مساحة الأراضي المزروعة وكم أضافت لها نظام الحركة الإسلامية ، لأن الجميع يعلم أن الإنقاذ خلال تلك المرحلة صفت معظم المشاريع الزراعية منها على سبيل المثال طوكر والقاش ، الدالي والمزموم ، هبيلة ، ساق النعام ، جبالي النوبة الزراعية ، السافنا ، النيل الأبيض وإستهدفت مشروع الجزيرة حتى تمكنت من الإجهاز عليها وهي جاسمة مؤخرا ... وعن رفع شعار نأكل مما نزع لا تزال ذاكرة الشعب تختزن قتل النظام للمزارعين بدم بارد على أيدي عناصر الأمن الذين يرافقون حاصدات القمح بالجزيرة المروية.

وعن مشروع جياد طالب أولى إقتصاد يعرف أنه دعاية سياسية أكثر من كونه مشروع إقتصادي بتكلفة 600 مليون دولار كانت كافية لتنفيذ مشروعات حيوية ينتفع منها الملايين من المواطيين وهو ليست اولوية لدولة زراعية.

كما اورد المحامي أن الشيخ دوخ دول الإستكبار العالمي خلال تلك الفترة ... يا راجل كيف ومتي وبماذا فعل ذلك هل يعتقد المحامي أن أهازيج أمريكا روسيا قد دنا عذابها عليّ أن لاقيتها ضرامها تدوخ العالم؟ إن كان الشيخ في مقام الملا عمر أو إسامة بن لادن أو إمتلك سلاح نووي لصدقناه ... من الجائز أن تكون دول الإستبكار العالمي دائخا في تلك الفترة ولا يرى ذلك إلا حيران الشيخ؟ وإن كان ذلك كذلك، ماذا كان ينتظر الشيخ، لماذا لم ينقض عليها لتحقيق حلمه في تأسيس الإمراطورية الإسلاموية!!! ما هذا الزعم إلا تضخيم لذات الشيخ والحركة من منظور أصحاب تجربة فشلة.

أما الشطحة الكبرى للمحامي بارود صندل فإدعاؤه إن شيخه "لم يكن ليسكت عن خطأ أويسمح بتجاوز في حق الامة أو تفريط في ثوابتها ويردف قائلا "وما كان له ان يصالح الباطل ولا يداهن الظلم وتاريخه كله يشهد له"
ولنا ان نتساءل ماذا قال الشيخ في ممارسات بيتوت الأشباح قبل إقصاءه؟ وهل تفوه بكلمة عن إعدام المهندس داؤد بولاد ، وإختلاسات طريق الإنقاذ العربي ومليارات بنك الثروة الحيوانية التي إختفت في عهد مديرها الدكتور بشير آدم رحمة ، وماذا قال الشيخ في إعدام جريس ، وليت شيخه سكت عن نتيجة التعداد السكاني مؤخرا ولم يباركها دون علم بكنهها ، هذا على سبيل المثال لا الحصر ، إن لم تكن كل هذه التجاوزات أخطاء فما هو الخطأ إذن!! هذا الإدعاء الأجوف ما هو إلا ضرب من ضروب الإستخفاف بعقول الناس ومحاولة فجة لتغبيش حقائق يعرفها القاصي والداني.

ألم يداهن الشيخ الرئيس الراحل جعفر نميري ويوهمه بإنه إمام المسلمين حتى صدق نفسه ، ثم أوعز له إعدام الأستاذ محمود محمد طه هل لا يزال المحامي باردو صندل يرى تلك المواقف حقا ، أما زعمه أن شيخه لم يسعَ للمناصب ففيما كانت المفاصلة من أساسه غير صراع على السلطة من منطلق جهوي!! ألم يورد الشيخ إسمه لرئيسه البشير ضمن قائمة المرشحين لشغل منصب نائب الرئيس بعد رحيل الفريق الزبير؟
وعن سماحة الشيخ وسعة حلمه أورد المحامي بارود صندل في مقالته قائلا "حتي الأموال الخاصة للحركة الاسلامية تركها لهم ولم ينازعهم"
وإن صح هذا الزعم وأنه ترك أموال الحركة الإسلامية لحيران المارقين عن طاعته سماحة من عنده ، لنا أن نتساءل لماذا يتنازل هذا الشيخ الحكيم عن تلك الأموال إن كانت خالصة ، لفئة باغية تستقوي بها عليهم وعلى عامة الشعب ، أغلب الظن أن النظام إرتكب تجاوزات في الحصول على تلك الأموال بمباركة الشيخ لذلك لا يستطيع التنازع بشأنها ، أو حتى الأقتراب من ملفاتها ، سيما أون الشيخ لم يستنكف في نشر الكثير والمثير من غسيل الحركة إبان تلك الحقبة بإستثناء غسيل الأموال ، ولدى كثيرين من أفراد الشعب قناعة أن جناح الشيخ لا يزال يتمتع بنصيبه من ريع المؤسسات المشتركة لجناحي الحركة وهذا ما يفسر عدم إقرابه من ملفاته.

ختماما لابد من كلمة وهو أن الشيخ حسن رجل كباره ورمز من رموز الشعب السوداني يلزمنا إحترامه ويجب علينا توقيره ، لككنا لسنا ملزمين بالسكون على شطحاته السياسية التي كلفتنا نصف عمرنا في التشريد ، لم ننعم خلالها بمؤانسة الأهل و رفقة الأحبة ، نحن ضحايا أبرياء لتجاوزاته في حق الأمة ، فهو العقل المدبر لسرقة السلطة من الشعب ومهد لتوريثه لحيرانه الذين لم يحسن تربيتهم ومع ذلك لم يألوا جهدا في التباهي بهم الأمم بأنهم جميعا تعلموا الصنعة على يديه وفي منشيته ، ولا يلممن أحد إن لم يسكت حيران الشيخ عن تبرير ما إغترفت أيدهم في حقنا. لن نسكت أبدا للترهات والخزبلات ، ونصيحتنا الخالصة لهم أجمعين (شعبي ووطني) أتركوا الشعب ما ترككم.
ibrahimbasham@yahoo.com
________
رابط المقال بصحيفة أجراس الحرية :

ليست هناك تعليقات: