الخميس، يونيو 04، 2009

ملتقى إعلامي الخارج ... دوافع ومآلات المشاركة

ملتقى إعلامي الخارج ... دوافع ومآلات المشاركة
إبتعد عن الأماكن المشبوهة فالأحداث السيئة لا تحدث إلا هناك ، هذه إحدى نصائح حكيم لإبنه لأن بني الإنسان غير محصن عن الإغواء ، ودائما العشق يبدأ بنظرة ثم إبتسام ثم لقاء ولا شك أن مناسبات نظام الإنقاذ قد تجاوز مواضع شبهة الفساد إلى اليقين ، فقد أصبحت أجهزتها موسومة بالخبث وكلما هو شائن في حق الوطن والمواطنين ، تجارته المفضلة شراء الذمم وأفضل العروض لدى سماسرته الذين ليس لديهم (قشه مرة) ، بالبرهان العملي طيلة العقدين من الزمان تيقن قادته بأن التفرقة بين مكونات المجتمع السوداني هو السبيل الأمثل للسؤدد ، بين الفينة والأخرى يعيدون غربلة مختلف الأنسجة السياسية والقبلية ومنظمات المجتمع المدني باحثين عن شركاء جدد ليسوا بالضرورة أن يكونوا أجراء ، ولعل آخرة (فلترة) من هذا النوع هو الغربلة الناعمة لتنظيمات الإعلاميين العاملين بالخارج مؤخرا لما رأي وزير الدولة بمجلس الوزراء كثرة المتبسمين وإمارات الإعجاب فكر ثم قدر عقد ملتقى لهم وكالمعتاد لم يخيب مساعيه هذه المرة أيضا فالذين ضمرت قاماتهم وتمكنوا من التسلل إلى قاع ماعون الوزير كمال عبد اللطيف لا بأس بهم منهم من كون تنظيم إعلامي من ثلاث أعضاء وفتح الكيس لتقلى هبات التطبيع من النظام متناسين دماء طاهرة فاضت من شرايين أقرب الأقربين الأمر الذي دفع الوزير للضحك ببت بالضيافة حتى بانت ناجزيه.

إنفض سامر الملتقى وإندلع حرب ضروس بين المشاركين والمناوئين كل يدافع بإستماته عن مبرراته على أمل أقناع أنفسهم قبل الآخرين ولا شك أن الوزير قد دون وقائع هذه المعركة ضمن إنجازاته . من المشاركين من حاول إثبات إستقلاليته وعدم رهن إرادته لأهواء الآخرين ، ومنهم من وهن أمام إغراء فرصة الدعاية للذات وتأكيد مكانتها ، ومنهم من فسرها بادرة تطيب للخاطر من جلاد هيأ فرصة طيبة لكسر حاجز معاداة الوطن بجريرة النظام ، هذه خلاصة ما يمكن التوصل إليه من خلال متابعة معركة زملاء الأمس أصحاب ما بعد الملتقى.

فشل المشاركون في إقناع المتابع بأن الملتقى قد يساهم في تحسين أوضاع الصحافيين وتقليل قيود تدفق المعلومة لسبب بسيط أن الوزير كمال عبد اللطيف أوضح أن الغرض من الملتقي الإستفادة من خبراتهم في تحسين صورة السودان خارجيا عبر المؤسسات الإعلامية التي يعملون بها وإن الملتقى نظم من منطلق أن الإعلاميين العاملين بالخارج جزء من أمانة المغتربين التابعة لشئون مجلس الوزراء لذلك ليس مستبعدا أن يحتفظ الوزير بتوصيات الملتقي في وزارته دون إرسال نسخه منها إلى وزارة الإعلام أو اللجنة المختصة بالمجلس التشريعي ، وكان من الواضح إن الوزير في وادِ والمشاركين في وادِ.

حتى الغرض من الملتقى والذي أفصح عنه الوزير مردود عليه ، فهو في ذات نفسه يعرف من شوه صورة السودان إبتدءا من ألفاظ رأس الدولة مرورا بأرقام المراجع العام وعدد الإتفاقيات التي نقعت بالمياه وإنتهاءا بأصغر مليشي يمتطي جوادا ، الوزير يعلم أن المشاركين ليس بإستطاعتهم حذف صور القرى المحروقة بدارفور والتي يشاهدها العالم عبر google earth وأن دور منظمات المجتمع المدني التي إختراقها أبناء الهامش تتمتع بمصداقية أكبر بكثير من دور الإعلاميين كأفراد أو مؤسسات متعجلة وفوق ذلك يعتبر تكليفه المشاركين بتحسين صورة البلاد والمقصود به سمعة النظام ، يعني طلب علني بتزوير الحقائق أو تجاهل المشين منها من أجل إطالة عمر النظام ولا أحسب أن وزير دولة بترولية يطمع من هكذا عمل بدون مقابل؟ بالتأكيد أنه يبحث عن الذين لديهم الإستعداد لإستلام شنط (تمكنا) وسط فلاشات الميديا ومن إستلمها وهي منتفخة بالقراطيس ليس مستبعدا إن يستلمها وهي مليئة بأي شي... أحد المشاركين كان مستعجلا من أمره ذهب إلى معسكر أبو شوك بالفاشر وإدعى أنه مصاب بالرمد ولم يتمكن من التمييز بين سنتر المدنية وأعشاش النازحين أو هكذا روي قصته ... ذكر لي أحد الزملاء عاد من الملتقى أن أحد المشاركين المتطرفين رفض الأكل من موائد الإنقاذ المنزوعة من أفواه الغلابة للتدليل على عفته وحسن نواياه فيما يبدو وأن النظام قد طالبهم بدفع جزء من قيمة التذاكر ذكرني هذه المواقف قصة الرجل الذي يحكى أنه قال لرفيقه أنه لا يأكل لحم الكدروف او القضروف (الخنزير البري) إلا أنه لا يمانع من طهي طعامه الحلال ضمن مرق كدروف زميله ... نقول لهذا الأستاذ أن التطرف القائم على المبدأ لا بأس به ولكن (البرقص ما بغطي دقنه)

نجح الملتقى في دق اسفين في خاصرة الكثير من تنظيمات الإعلاميين بالخارج نجاح فاق توقعات الوزير فقد أفلح في ترويض عدد مقدرا وتحيد كثيرون ولا ينتظر أن تكون لكياناتهم فاعلية مستقبلا فقد تغلغلها حراس النظام بفيروسات الشك والريبة فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ومن المنتظر ألا يتعدى دور هذه الروابط مستقبلا المناسبات الإجتماعية ، مما لا شك فيه أن إنسحاب كتلتي الحركة الشعبية والتجمع مع البرلمان خلال الجلسة المقررة لمناقشة قانون الصحافة كان له أبلغ الأثير من كافة أنواع الضغوط الكرتونية على النظام من أجل رفع القيود التي أدمت معصم الصحافة السودانية في عهد النظام وعلى رابط الإعلاميين بالخارج مؤازرة مثل هذه الموافق عوضا عن المشاركة في مناسبات الإنقاذ المشبوهة.

ليست هناك تعليقات: