الخميس، أبريل 30، 2009

ويك أب كول ـ Wake-up call

يخطئ النظام وأعوانه بالمركز أن ظنوا أن ثورة دارفور قد خمدت ولا حاجة لإستعجال الحلول لمأساة مواطنيه ، ويسئ المجتمع الدولي التقدير أن إعتبر إنفصال الجنوب أولوية مقدمة على وقف إنتهاك الحق الإنساني لأهل الأقليم الأبرياء ، ويرتكب ثوار دارفور الشرفاء خطأً مميتا إن إنتظروا عودة السلام الشارد من تلقاء نفسه لينيخ بعيره وسط أهاليهم.

النظام المبتلى بمذكرة اوكامبو والمنتشي بالتأييد الشعبي الزائف يتجنى على أهل المركز إن شاح بوجهه عن الثورة في دارفور ولم يستلهم العظة أو يتعلم من درس عملية الذراع الطويل والتي ما كان لها أن تنفذ لولا تسويق النظام أوهاما بأن ثورة دارفور ما هي إلا ناموسة في أدان فيل ، وعلى قاطن المركز أن ينام ملئ جفونه عن شواردها.

مؤشرات عدم إتعاظ النظام من إنتقال الثورة من دارفور إلى شوارع البقعة ، مجاهرة ما يسمى بمفوضية الإنتخابات بإمكانية إجراء إنتخابات جزئية بدارفور تناغما مع مساعي رئاسة النظام لتفتيت الإقليم إلى عدة ولايات إنتخابية تماديا في محاولاته اليائسة لتفتيت نسيج مواطنه ومراوغة للتسربل بشرعية مزيفه فوق ثوبه الزائف والمهترئ.

من الواضح إن النظام يفتقد النصيح وإن المركز أيضا ليس له وجيع وإلا كيف لا ينتبه أحد إلى مغبة هذا المخطط الرامي إلى تعويم القضية والقفز فوق جراحات مواطنيه الغائرة؟ هل إطمئن قاطني المركز على الحاجز الترابي (عفواً) الرملي الذي يشيده جهاز الأمن حول العاصمة أم حسب وزير الدفاع أن سيوف العشر يمكنها إخافة ثائر عنده قضية؟

إلا يومنا هذا الكثيرون يذكرون مقوله الراحل الدكتور جون قرنق للسيد الصادق المهدي "أنا لم أشارك في إنتخابك" يضاف إلى ثقل تلك العبارة على كاهل رئيس وزراء السودان المنتخب جزئيا ، أنها أطرت لتعجيل نهاية حكومته حيث أن عدم إعتراف الحركة الشعبية بحكومة المهدي كان عائقا للحوار الجاد منعت محادثاتهم أن تثمر ولعل هذا ما أغرى الجيش للإلتفات لمخططات الجبهة الإنتحازية ومناصري الشمولية. وهنا تجدر الإشارة إلى تمزيق السفاح جعفر نميري لإتقافية إدريس أبابا وإقدامه على تفتيت الجنوب إلى ثلاث ولايات تعتبر أول (مدماك) في إعادة بناء حائط عدم الثقة بين الشمال والجنوب إلى أن وصل إلى مصاف إنتزاع حق تقرير المصير لوضع حد لتلاعب جلابة المركز بإتفاقياتهم مع الهامش ، نظام الإنقاذ يكرر ذات الخطأ بإلتفافه حول إتفاق أبوجا 2005 والذي يخول مصير شكل الإقليم لمواطنه.

ثوار دارفور خبروا مداخل المركز وأولاد الشيخ يعرفون المنشآت الحيوية ومراكز ضعف هيكلية النظام والطابور الخامس يتحدى النظام جهاراً ومع ذلك يخطط المركز للإحتفال بزواج تيس مستعار لتحليل نكاح باطل في الأصل ، هذه مفسدة في الأخلاق السياسي وفساد بإدارة الشعوب إن ظن أحد أن الثوار الشرفاء والأحرار بعموم السودان سوف يتفرجون عليه دون حراك من المؤكد تقتله الظنون وتدفنه الأوهام دون رحمة.

تلتقي إرادة المجتمع الدولي برغبة الحركة الشعبية في منعطف فصل الجنوب سلميا وعدم خلط أوراق جنوب السودان بغربه ، لذا تسعى الولايات المتحدة إلى تهدئة الأوضاع في دارفور بوقف إطلاق النار وتشجيع بعض الثوار على الإنشغال بمحادثات إلهائية في الدوحة وأخرى لتجمعات المجتمع المدني في أثيوبيا (نتمنى أن تكون جادة) كل ذلك من أجل منع أي (دشمان) يعكر صفو عملية ولادة طفل الغرب من رحم السودان طبيعية كانت ام قيصرية ، وقد إعترف الراحل قرنق أمام قادة التجمع بأسمرة بأبوة الغرب للجنين المرتقب بقوله "لست ملزما بالدفاع عن شئ لم اصنع" حسبما أورده الأستاذ فتحي الضو في مقاله : شراكة أوانطة ... أدونا صبرنا المنشور بصحيفة الأحداث بتاريخ 26/04/2009م.

من الواضح أن النظام وأعوانه الإنتباهين بالمركز لا مانع لديهم من تبول الغرب في رحم السودان مرة اخرى لإنجاب طفل ثاني في الغرب ، ثمنا للإعتراف بشرعية زواجها بالأم توطئة لميراث تركتها المهولة وإلا كيف إلتزم تجمعات المركز الصمت إيزاء المجاهرة الأمريكية بمساندة فصل الجنوب ثم الإلتفات لقضية دارفور (أي فصله) حسب تصريحات أندرو ناتويس المبعوث الأمريكي السابق مؤخرا؟ ولعل التمعن في خارطة البنى التحتية التي نفذتها النظام على قلتها ، لهو أبلغ دليل على إنبساطه وعدم شعوره بالخجل من هذه الممارسات الغربية المخلة بالآداب الوطنية! وإن كان النظام أرعن فأين العقلاء ؟ فقد إرتمواء في أحضانه الحزب والرجل تلو الآخر إلا من رحم ربه.

على المكشوف تعوق الحركة الشعبية جهود تهيئة الأجواء المناسبة لكنس المؤتمر الوطني من الساحة السياسية ، تزداد هذه الوتيرة مع إقتراب موعد تقرير المصير ، أوضح تجليات هذه المداهنة صياغتها المخزي لقانون الصحافة والمطبوعات وإفتخارها بذلك ، ومساعيها لفرض سيطرتها على ثوار دارفور أثناء مؤتمر جوبا العام الماضي وإنضمامها لجوقة وفد النظام بصورة عمياء خلال محادثات ابوجا والدوحة إضافة لإرغام الكماندر باقان أموم على بلع تصريحه بعدم ممانعة الحركة من فتح نيفاشا من أجل حل قضية دارفور ، لقد بات واضحا أن الحركة الشعبية مختطفة من قبل الإنفصالين والإنقاذيين على السواء إما أولاد جون يزحفون نحو الهامش ، ذكر لي من أثق به أن 17 محافظا بالجنوب من أجمالي 30 كانوا بالخرطوم لحظة توقيع نيفاشا وليس بالغابة ومن علامات هذا الإختطاف تنامي نفوذ الدكتور ريال مشار وتحديات الدكتور لام أكول و(تجريسة) الفريق سلفا من الإنتخابات الرئاسية الفروض عليه بنصوص نيفاشا.

الدلائل الشاخصة تشير إلى أن الإنتخابات البرلمانية لن تقوم وإن قامت جزئية بعد عدة تأجيلات فقد تأكد مقاطعتها من قبل حزب الأمة القومي حسب بيانهم القوي بخصوص الموعد المضروب لها في فبراير 2010م وإن نكث بهذا البيان أيضا فلن يستطيع خوضها في ظل إفرازات مؤتمره السابع ، ومن المؤكد أن تقاطعها المؤتمر الشعبي والسيد نقد ، مقاطعة هذه التنظيمات كافية لإفراغ الإنتخابات من مضمونها يضاف إلى ذلك إن قادة الحركة الشعبية وليس من بينهم من هو على إستعداد للتضحية بمنصبه في الجنوب من أجل إنتخابات عبثية في الشمال ، وفي ظل تراجع فرص إجراء إنتخابات شاملة تتزايد إحتمال إعلان الجنوب دولة من طرف واحد خاصة إن تأزمت مسألة أبيي وليس مستبعدا إن يساوم نظام الإنقاذ بإعترافه بها في لاهاي.

إن ظنت إدارة باراك أوباما أن ثوار دارفور ومن خلفهم المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان ينتظرونها إلى حين الفراغ من حل الأزمة المالية العالمية وتحرير ميلاد أبنه جمهورية الأمانونج الشعبية في أحسن الفروض في 2011 ومكافأة النظام على الرحم المستأجر ومن ثم الإلتفات إلى المأساة الإنسانية المتفاخم بدارفور، إن ظنت ذلك بلا شك أنها تجازف بسمعتها وسمعة بلادها التي تسعى لتنقيتها عما علقت بها جراء سياسيات إدارة سلفه الفاشل بوش.

إن تجاهلت إدارة أوباما التغلل الفرنسي التشادي المتنامي في الإقليم فإنها تكرر خطئ حزبه تحت رئاسة بيل كلنتون والتي مكنت الصين من أن تبيض وتفرخ في حقول النفط الأمريكية بالسودان والتي تسعى الآن لإستعادتها بالإنفصال ، وفي ظل تنامي الفائض المالي الصيني وإستمرار إنكماش الإقتصاد الأمريكي فليس مستبعدا أن تخضع الأخيرة بجلالة قدرها لإبتزاز صيني بشأن نفوذها الدولي ، وإن قل مال الفتى أو شاب رأسه فليس له من النفوذ نصيب.

أما ثوار دارفور الشرفاء فإن إعتقدوا أن السلام في طريقه إلى دارفور وأن عليهم تكسير عظام بعضهم البعض للإنفراد ما تحتويه (مخالي) ناقة السلام فإنهم بلا شك سيظلمون أنفسهم ويتجنون على أهاليهم بل يشككون في مصداقيتهم ، فالملاحظ منذ فترة تزايد وتيرة المواجهة الداخلية بين الثوار وهذه إضافة محزنة لإحن الثورة ، فقط طغى قانون الغاب وهو سبب كافي لممارسة سباق الإحتماء بالأجنبي وإستنجاد الثوار بدول الجوار عندها تتقاطع مصالح دولية وإقليمية مع إستحقاقات الأهالي ومن المعروف (البدفع بأمر والبيأكل أبو) ، السلام يفرض بالحجة المسنودة بالسلاح ليأتي طائعا منقادا ويصان بتقدير المسئولية . ولا مببر للغضاضة في إنتقال فصيل أو قائد ثوري من حركة إلى أخرى ، والجُناح في الطعن الثوري من الخلف أو التحالف مع الخصم ولا أقول العدو لأنهم في الحقيقة أخوة بغوا علينا ، وأكبر من ذلك التقاعس الثوري بعد إشعالها إن كان من ضعضع العزيمة أو الإنتصار للذات.

يستحسن تسخين الحديد ثم الطرق عليه بشدة ، وقبل ذلك التأكد من رسوخ السندان والحرص على تناغم المطارق ، العروض السابقة تشير إلى أن الطُراق ليسوا باسطوات وأن السندان تتلجلج بإستمرار ولكي تتشكل الجسم السياسي المرتجى للإقليم يتوجب مراجعة شاملة للآليات وعمل تدريبات مكثفة للطارقين وتوفير الوقود الكافي لتحمير الحديد. وعلى الثائر صاحب القضية أن يحرص على شرف الموت من أجله لكي توهب الحياة الكريمة لأهل وذويه ويُلهم رفقاءه الصبر والمفخرة ، وإن تراخت حبال الثورة فإن الإبادة الجماعية تتحول إلى إقليمية وتكون علي نفسها جنت براقش ، والمعني الحقيقي للعمل الجماعي ليس فقد أن يسحب الجميع الحبل في لحظة ما بل يعني تلاقح العقل الجمعي لتحديد المهمة ثم تنفيذها ( Teamwork not means just pulling together, but sharing ideas) وإن تكاسل صوت الثورة فلن يلتفت أحد إلى المأساة طالما أن الرأي العام العالمي والداخلي وصانع القرار بالمركز في مأمن عن إفرازات الإنتهاكات عملائهم ومليشياتهم هناك.

هذا تحريض سلمي للإلتفات إلى مأساة النازحين والمشردين بدارفور وليست دعوة لتنفيذ عملية wake-up call ثانية لا يمكن التكهن بمكانها وزمانها و تنبيها لخطورة أن تكون دارفور ساحة للرقص الرئاسي و (التطنيش) عن القضية الأساسية ومحاولات القفز فوق جراحات أهلها الطيبين والتحذير من مغبة محاولة إجراء إنتخابات جزئية بالإقليم تصديقا لتصريحات الضلاليين والمتهورين الذين يستبعدون وصول الناموسة وتأثيرها على خرطوم الفيل.

مناشدة أخيرة :
نناشد الدكتور على الحاج والدكتور التجاني سيسي والفريق إبراهيم سليمان والدكتور حسين آدم الحاج وكل من يعتقد أن له كلمة مسموعة لدى قادة الثورة بالتدخل لوقف المعارك الدائرة حاليا بين حركة التحرير جناح الوحدة وحركة العدل المساواة "لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاح بين الناس" {النساء:114}
ibrahimbasham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: