الأحد، فبراير 01، 2009

مصفوفة الفاشر الدوافع والمآلات

التاريخ :22-9-2008م
كانت أبوجا ولا تزال طعنة نجلاء في خاصرة قضية دارفور حقيقة لا ريب فيها ، و الإنقاذ كنظام لا إلة له ولا ذمه ناكث للعهود وناقض للمواثيق في غنى عن تفيد براهين ورصد الأدلة ، ولست معنياً في هذا المقال بإجترار نقد إتفاق أبوجا الذي تجرعه مني ولا صغ شرابه من المرارة ، كما لست معنياً برصد قائمة الذين أرغموا على شراب مياه إتفاقيات سولت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء على توقيعها مع قادة نظام الإنقاذ الغادر ، أو كشف بأسماء الذين نقعوها في المياه الآسنة وينتظرون المنعطف المناسب لإبتلاعها جرعة واحدة رغم المرارة والنتانة ، ما أرنوا إليها تحديداً دوافع مصفوفة النائب الأول وكبير مساعدي الرئيس مؤخراً بالفاشر.

من الملاحظ أن رئيس النظام لم يجد بد من تفعل دور نائبه الأول على عثمان طه لمواجهة محنته الأخيرة ، ومن البركات التي حلت على الأخير جراء إتهام أوكامبو لرئيسه بالإجرام رفع حظر التمثيل خارجيا عنه والذي فرض عليه بسبب الوعد الذي قطعه للمجتمع الدولي في بروكسيل عام 2005 بالسماح بإنتشار القوات الدولية في دارفور بعد التوصل إلى إتفاق سلام مع الثوار ، عقب مؤتمر بروكسيل وإعتكاف عنقره حل الأستاذ على عثمان مضطراً محل البروفسير موسيس مشار وإنحصر دوره في التشريفات الرئاسية ولم يكلف بمهمة خارجية البته كما لم يوكل إليه أمر ذا بال داخلياً ، رغم مسئوليته عن ملفي العلاقات السودانية المصرية والسودانية التركية ، وبعد كارثة أوكامبو وفي أقل من ثلاث أشهر قاد وفد إستنجاد رسمي لمصر وكلف مؤخراً بتمثل الرئيس لدى الجمعة العامة للأمم المتحدة عوضاً عن وزير خارجية مؤسسة الرئاسة المناكف السيد دينق ألور وقبل هذا الموعد إرتأى أو كلف بصف مصفوفة مع منى آركو مناوي ، فالحقيقة البائنه أن الرياح تحب على أشرعته هذه الأيام بعد طول سكون ومع ذلك سيظل يمثل الحلقة الأضعف من حلق الحظوة والنفوذ .

ومن المعلوم أن الدكتور نافع هو المسئول عن ملف دارفور وإتفاق أبوجا ، وإن كان النظام جاداً في مراضاة الأستاذ مني لأوكل أمر المصفوفة له سيما أنه أكثر نفوذ من غريمه الأستاذ على عثمان ، كافة أختام السلطة والصولجان تحت يده والجميع على يقين أن الآمر الناهي بكل أسف الإنتباهي نافع رغم قوله غير النافع وأن القول ما قاله هو وليس سواه ، حتى كلام رئيس النظام لا أحد يأخذه مأخذ الجد.

ولعل هذا ما يدفعنا للجزم بأن الأستاذ على ما قصد من المصفوفة غير تبيض وجه لدى الأسرة الدولية خلال إجتماعها بنيويورك الأسبوع المقبل ، وتسويق شخصيته كذلك كرجل المرحلة حلال المشاكل ورتاق الثقوب ، ولا إعتقد أن ذلك يفوت على فطنة الأستاذ مني الذي تمكن من نفض بعض ما علق بثوبه من دناءة خلال تواجده الأخير وسط أهله بدارفور وما لبث أن غمسه فيها حتى القاع بعدم تقديره لعظم وبشاعة مجزرة نازحي كملة حق قدرها ، لقد شاهد العالم الصورة البشعة للضحايا من خلال موقع مركز أخبار السودان اليوم النشط ولا أعقد أن أحد إستطاع إعادة البصر كرتين على المشاهد من الفظاعة والمساعد الكبير الذي إرتضى المسئولية تحديداً عن الضحايا يتحدث بصوت مرتفع مستنكراً مهاجمة قوات النظام لمواقع تحت سيطرة المدججة بالسلاح إما سحل النازحين العزل لا يعنيه أمرهم شيئاً!!!!

مع من يتابع مني قوائم المصفوفة؟ مع على عثمان أم مع دكتور نافع ، متى كان الأخير ينصاع للأول ، إن كان نافع مقتنعاً بضرورة المصفوفة لوقعها بنفسه ونال وسام الإنجاز ، ولكنه لم يشأ أن يكون ضمن الوفد الكبير الذي رافق النائب الأول ، إذا هنا أيضا النظام منقسم على نفسه ، الفريق عبد الرحيم حسن والفريق صلاح قوش يقتلان القتيل ويمشيان في جنازته فقبل أيام قلائل وخلال الغارات العسكرية الأخيرة على دارفور صرحت القوات المسلحة أنها لم تفعل أكثر من مطاردة نهابين وقطاع طرق وقد شملت تلك المطاردة على حد وصفهم قوات كبير مساعدي الرئيس السيد مني وهما ضمن حضور توقيع المصفوفة!!!

إن كان السيد منى جاداً ولا يزال مقتنعاً باتفاق أبوحا لتمسك بإضافته في الدستور الذي تبقى من صلاحيته عشرة أشهر وهذا أمر شبه مستحيل ، فالآن الوضع في صالحة فهو خارج القصر والنظام في وضع كارثي العالم كله ضده بينما يقف السيد فرنانديز إلى جانبه ، ومع ذلك المصفوفة متواضعة ومن الواضح أن السيد مني كالغريق يحاول عبثا الإمساك بأية قشة أملاً في النجاة فإن كان يطلب مالاً خاصاً لتمكين أعوانه وتسديد ديونه فهذا ممكن لأن وزير المالية من عشيرة الأستاذ على وقد لا يحتاج للمرور عبر دكتور نافع ، أما أن كان يطلب أموال للتعمير فليس هنالك مشروعات تنموية متفق عليها ومجازة لتدفع لجهة ليس لديها هيكلية محاسبية وليس من بينهم من هو مُلم بمسك الدفاتر المحاسبية كما أن السبعمائة مليون دولار المنصوص عليها في أبوجا لم تضمن في الموازنة العامة لعام 2008 والواردات الإضافية الناتجة عن إرتفاع أسعار البترول تبخرت مع أزمة أوكامبو وملف أبيي ، إبتلعتها سفر وفود وإستقبال سماسرة وإتعاب محاماة (ملقطي حجج) أما دمج قوات كبير مساعدي الرئيس الذين حضروا لمطار الفاشر في خمسين سيارة لاندكروزر في القوات النظامية فالأرجح أنه يفضل صرف رواتبهم من الخزانة العامة مع الإحتفاظ بهم كثوار مسالمون وهذا ما فشل في إنتزاعه في أبوجا ويأمله من المصفوفة ، ليس لديه رواتب لهم ولا يستطيع الإستغناء عنهم ، كان على السيد المساعد إضافة إعفاء طلاب دارفور من الرسوم بالجامعات فهو أمر سهل ومقدور عليه وقد يكسب منه الكثير داخلياً ولا أحد من ثوار وساسة دارفور يتحفظ علي ذلك ولكن خائب الرجاء لا ينتظر منه إلا الفتات.

ما يمكننا قوله أن دافع السيد مني من المصفوفة لم تكمن جوهر الإتفاق على فراغه بقدر ما هى إيجاد حلول لأزمات خاصة بقواته ومنسوبيه لا علاقة لها بإنسان دارفور وقضيته العادلة وإلا كانت تجاوزات النظام بمعسكرة كلمة ضمن المصفوفة فهو رئيس السلطة الإنتقالية لولايات دارفور الثلاث وإن لم يكل لديه صلاحيات فلديه لسان أما القلب فقد مات في أبوجا وبالنسبة للأستاذ على عثمان بلا شك أن الفاشر ما هي إلا محطة في الطريق إلى نيويورك سوف تدفنها رمال الصحراء الزاحف قبل الإلتفات إليها.

ليست هناك تعليقات: