الأحد، فبراير 01، 2009

رسالة خاصة من طلحة جبريل تبدد الظنون

التاريخ :5-10-2008م
الرسالة المنشورة أدناه رداً من الأستاذ طلحة جبريل على رسالة إيضاحية خاصة قدرت أنها تستحق الإطلاع رغم أنني لم أستأذنه في نشرها ، فقد ظل هذا الشهم النير منتصباً في زمن إنبطح فيه أناس كنا نحسبهم من الأخيار أمام بهارج الإغراء ونزعات التحيز.
الاخ العزيز ابراهيم سليمان

تحايا عطرة وعيد سعيد
سعدت جدا بقراءة رسالتك ... وجيد أنك لم تذهب الظنون بك بعيداً.
يا عزيزي أود أن أؤكد لك أنني قلت أكثر من الذي قرأت في ندوات وحوارات داخل السودان بل ومن إذاعة أمدرمان ،إذ عندما سئلت في برنامج مباشر عن حرية الصحافة قلت لايمكن ان نتحدث عن حرية صحافة ولا توجد حريات عامة.
وعندما سئلت عن موضوع المحاكمة في حوار منشور في صحيفة الصحافة كان رأيي صريحا قلت إن هذه قضية قانونية وليست سياسية ، وقلت في ندوة "إذا كان الرئيس البشير يستحق المتابعة ليكن ذلك وإذا كان بريئا ليدافع عن نفسه ولا داعي أن تدخل البلاد في متاهة جديدة بعد متاهة الإنقلاب نفسه الذي قاده في يونيو من عام 1989 " هذا ما قلته بالضبط.
وقلت في حوار منشور في جريدة الصحافة" لامجال للسودان أن يحسن صورته اعلامياً في الخارج إذا لم يحسن أوضاعه السياسية في الداخل، لا يمكن ان تقدم صورة براقة وجميلة في الخارج وانت اوضاعك في الداخل بالوضع الذي هي عليه الآن، وانا اقصد جميع الاوضاع سواءً كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية".
وقلت في الحوار نفسه وانا داخل السودان " لن ابني ولن امتلك ولو متراً واحداً في هذا الوطن الذي مساحته مليون ميل مربع ، حتى يمتلك أي مواطن سوداني مسكناً. هل يتحقق ذلك في حياتي؟ انا متأكد بأنه لن يتحقق وبالتالي اتمنى ان يبقى لي قبر في هذا البلد ادفن فيه".
قلت ذلك وأكثر منه وانا داخل السودان وليس خارجه.
وكن مطمئنا أيها الأخ الكريم أنني لا يمكن أن أبدل المبادئ والقيم التي أدافع عنها سواء كان الأمر ترغيبا أو ترهيبا ، بالنسبة لحق تقرير المصير أنا أؤمن به كحق يمارسه الجميع وليس فقط الأخوة في جنوب السودان أو في دارفور أو الشرق أو منطقة النوبة.

أما النسبة لقضية دارفور أنا أؤمن إيماناً لا يتزعزع بأن أهلنا في دارفور لهم قضية عادلة وأن النظام مارس ضدهم أبشع درجات العنف ولكن هذا لا يعني أنني أتفق مع ممارسات حركات دارفور الذين يتاجر بعضهم للأسف بقضية أهله على الرغم من أن لدى علاقات طيبة مع قادة هذه الحركات وكنت التقيت قبل سفري إلى السودان الأخ عبدالواحد محمد نور في واشنطن وقال لي بالحرف أمام مجموعة من السودانيين نحن نعتز بمقالاتك وما تكتب على الرغم من أننا لا نتفق مع بعضها ، على حد تعبيره ، وسأبقى كما أشرت أتزاحم في المجرى الخطر للتاريخ إيمانا بعدالة قضية شعبنا العظيم وبعدها ليكن ما يكن. إنتهى
نص الرسالة الإيضاحية الخاصة:
الأخ طلحة
كل سنة وأنت طيب والقابلة على أمنياتك ، أهنئك على الزيارة الموفقة للوطن وحمدالله على سلامة العودة ، ظننت أن إمساك قلمك السيال عن تناول موضوع توجيه الإتهام لرئيس النظام توطئة لهذه الزيارة المفصلية ، ولكن من خلال متابعاتي لمقالاتك المكتوبة من الداخل تبين لي أن ذلك الظن بعض من الإثم فالسماح ، مقالك الأخير قمة في الجدية و الحماس ، مترع بالتفاؤل الذي عرفناك به ، في هذا المقال سردت مفاهيم سديدة منها

<< ... إن هوية بلد لا تحددها سلطة أو نظام أو معارضة، بل هي توجد في التاريخ والجغرافية >>>
<<البديل هو برنامج الحد الأدنى ، الذي لا يستثنى احداً حتى الاسلاميين أنفسهم ، برنامج يقودنا نحو دولة مؤسسات تحقق الحاجيات الثلاثة الأساسية للناس وهي التعليم والصحة والسكن ، ثم تعتمد تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، واحترام حقوق الإنسان وحق تقرير المصير . هذا هو البديل كما اعتقده ......>>>
بيد أنني اعتقد أن أولى حاجيات المواطن السوداني الأمن ثم الصحة ثم الغداء (قفة الملاح) الذي أختصر في وجبتين ثم التعليم أما السكن فلا أعتقد أنها تشكل حاجزاً لغالبية أهل السودان وهم أهل الريف ، ونزح ثلثهم إلى العاصمة كما أوضحت في مقالك مرده إلى خلل تنموي بحت.
حق تقرير المصير هل هو عام أم خاص والمقصود ما كفله إتفاق نيفاشا؟
في هذا المقال ذكرت فيما معناه أن التنازلات لم تقدم إلا بالتمرد بقولك <<... وما حدث أن التنازلات لم تقدم إلا في حالة واحدة سواء في جنوب البلاد أو شرقها أو غربها ، وهي عندما حمل الآخرون السلاح>>> إنتهى

ما دام ذلك كذلك ليتني أطلع على وجهة نظرك في عدم تعاطفك مع ثوار دارفور حسب ما ورد في مقالك "حكاية دعوة لزيارة دارفور برفقة عضو كونغريس اميركي" حيث أوردت << .. لكنني لست من المؤيدين أو المتعاطفين مع أطروحات ونهج الحركات المسلحة في دارفور>>. إنتهى مع العلم أنني لم إنتمِ إلى حركة بعينها بيد أنني داعم للثورة في كليتها ومؤيد لمبرراتها ، أطمع في الوقوف على رؤيتك التي أعتقد أنها في الغالب سديدة ونيره وأتمنى أن تجليها دون تحفظ.

<< التغيير الذي عملنا من أجله سراً وعلناً قرابة عقدين يجعل قدرنا هو التزاحم في وسط المجرى الخطر بدلاً من التسكع فوق الأرصفة>>
خاتمة فلسفية رائعة ، حقا إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام!!
ولك محبتي وتقديري وكل سنة وأنت والجميع بألف خير،،،
أخوك /إبراهيم سليمان

ليست هناك تعليقات: