السبت، يناير 31، 2009

أرض الكنانة لم تكرم نُزل المهمشين فلم التباكي!!!؟-3-3-2008م

على الرغم من أن حركة تحرير السودان يعتبر إحدى حجري الزاوية للثورة الدارفورية المباركة وأن تحركاتها السياسية لها ظلال وإنعكاسات على مجمل القضية ، إلا أنني لست بصدد الخوض في مبادرتها بفتح مكتب لها بالدولة العبرية فذلك شأن يخص قيادة الحركة وكوادرها وحدهم ، ما حفزني وإستفز مشاعري الموقف المصري و زعيق صحافتها كرد فعل للخطوة المباغته والجريئة بكل المقاييس.

دعونا نعكس السير ونتوقف عند مأساة أبناء دارفور وأخوتهم من قوى الهامش بحي المهندسين بالقاهرة عام 2005 ما يمكننا إستنتاجه ان الصحافة المصرية قد صورت أولئك المنكوبين على أنهم أناس لا أصل ولا فصل لهم مكشوفي الظهر أتوا لمصر لممارسة الصياعة في ميادينها الخضراء الجميلة ويجب قتلهم وإذلالهم ليكونوا عظه وعبرة لمن سواهم ، لم يدر بخلد مصر حكومة وشعبا أن لؤلئك الشرفاء قيادات واعية تستطيع رد الصاع صاعين لأجهزتها الأمنية التي نفذت المجزرة وان مصر ليس نهاية الكرة الأرضية.

بتلك التصرفات الهوجاء قد جنت براقش مصر على نفسها وفتحت لها أبواب جحيم لا تستطيع سدها بل أضحت ترسباتها تزيد من هلعها وهواجسها الأمنية ، فقد ظنوا أن قتل النازحين بميدان مصطفى محمود خطوة ضرورية لحماية الأمن الإجتماعي والسلامة البيئية ولم يسحبوا حساب لردود الفعل للعمل اللإنساني والتصرف الغير حضاري بكل المقاييس لأناس شرفاء تقطعت بهم السبل وإنقطعت بهم الأسباب فقد كان حال المنكوبين بالمهندسين كحال المستجير من الرمضاء بالنار إنفض سامرهم بالكيفية المأساوية تلك.

إندهشت الأوساط المصرية من خطوة حركة التحرير وإستهجنتها فلم يتصورا أن أهل دارفور يعرفون لعب البولتيكا ، من الجائز أنهم قد خدعوا بتواضعهم وجنوحهم للسلم أم ظنوا أنهم قد إنقطعوا تاريخياً عن أسلافهم وإنبترت صلتهم بتراث الحكم وتقييم خيارات المواقف عند كل منعطف ، أم ظنوا أنهم جبناء لا يقتربون من الثوابت النمطية للمنطقة بإعتبارهم رعايا منقادين لدولة مستعربة تدور في فلك مصر أم الدنيا ، فالمتابع للصحافة المصرية هذه الأيام يجد أن بعض كتابها المأجورين أمثال هاني رسلان وحياة الطويل والذين يزعمون أنهم خبراء في الشأن السوداني يملئون وسائل الميديا ضجيجا وزعيقا يصبون جام سخطهم على خطوة حركة التحرير بدلاً من إلتماس العذر لثوار دارفور وتوجيه اللوم لدولتهم التي لم تكرم نزل المنكوبين ومحاولة تصحيح مواقفها الخاطئة من كافة قوى الهامش بالسودان ، بالتأكيد سمات الشخصية الدارفورية الغائبة عن حكام الخرطوم يجهله مدعى الخبرة بقاهر المعز ، فإنسان دارفور عُرف عبر الحقب التاريخية أنه مستقبل الإدارة يرفض التبعية العمياء والإنقياد العاطفي ، لم يدرِ هاني رسلان وأمثاله من الذين يشتبه أن فيضانات بترول السودان قد جرفتهم بأن سلطة دارفور خلال الحرب العالمية الأولي إتخذت قرارها منفردا بالوقوف إلى جانب الباب العالي منحازةً لدولة الخلافة الإسلامية تركيا مخالفةًً لمعظم الدول العربية والإسلامية التي كانت ترزح تحت نير الإستعمار الغربي ، مصر المأمنة بأهل الله وشقيقاتها العربية والإسلامية اجبرن على مناصرة دول الحلف ومحاربة دولة الخلافة الإسلامية بينما دارفور المستقلة تملك زمام أمرها وحرية قرارها ، وقد لا يعلم سماسرة الصحافة المصرية أن مقترح إنعتاق السودان من مصر وإعلان إستقلاله عن دولة الحكم الثنائي تقدم به أحد أبناء دارفور من داخل البرلمان بينما حتى هذه اللحظة هنالك من يحاول الإعتذار لمصر من ذاك الحرج الذي تسبب فيه ذالك الثائر الدافوري لهم و أنني على يقين أن المدعو هاني رسلان الذي يحول حوله شبه الإرتزاق لم يكلف نفسه مشقة الزيارة للرواقة الدارفورية بالأزهر الشريف للوقوف على عظمة أهل دافور والتيقين من أن النازحين الشهداء بميدان مصطفى محمود أنهم أعزاء قوم قد أُذلوا.

بفتح حركة التحرير مكتب لها بالدولة العبرية سوف يفتح رجل المخابرات المصرية عيونه قدر ريال ابوعشرين على كافة قوى الهامش العريض من أبناء السودان المتواجدين بمصر فجميعهم قد أصبحوا أشباح يهددون الأمن القومي المصري وهى مهمة مرهقة وشاقة للغاية ، وتحول الجندي المصري المشارك في قوات الهجين إلى جاسوس على أبناء دارفور فوق أرضهم ولا أعتقد أنه سيغامر بصعود جبل مرة الوعر الأدغال وعبور ممراته المظلمة.

يجلس السفير المصري السيد / بسيوني تحت علم بلاده الذي يرفرف فوق سماء تل أبيب ويتصاعد حجم التبادل التجاري بين الدولتين ورغم إختصار الأستاذ / مصطفى بكري رئيس صحيفة الأسبوع المصرية هذا التبادل بين تجار الأدوات الصحية بأرض الكنانة ودولة إسرائيل إلا أن الواقع يؤكد أن الدولة العبرية قد بنت الجدار الفاصل بين الفلسطنين و الإسرائيلين من أسمنت شركة بورتلاند المصرية وستبني من ذات المنتج الجدار المقترح للفصل بينهم ومصر ، وتفيد وسائل الميديا المصرية قبل عدة سنوات أن هنالك أكثر من ألفي مواطن مصري متزوج من إسرائيليات لدوافع معيشية بحته وهن يعشن بطول مصر وعرضه ، كما أن مصر قد أوصلت أنبوباً إلى صحراء سيناء وليس مستبعدا بيع فائض حصة السودان من مياة النيل العذبة لدولة إسرائيل العطشى لدماء الفلسطينين سراً بينما يمنع المزارع بجبل أولياء من تركيب طلمبة شفط مباشر من مياة النيل إلا بتصريح من الري المصري حتى وقت قريب ، والكل يعلم بالكثير والمثير من علاقات عربية وإسلامية مع الدولة العبرية ولكن ويبدو أن هذه الدولة حرام على بلابله الدوح حلال على الطير من كل جنس.

مصر لا تعرف عن السودان سواء النيل و(الميه) ولم تكلف نفسها بمتابعة تقلبات الموازين السياسية وحراك التركيبية السكانية لمكوناتها الجغرافية ، ففي الخمسينيات رقص الصاغ صلاح سالم عارياً مع النيلين بجنوب السودان بكل سطحية ظنا منه أن ذلك كافياً لتبديد توجسهم عن نية بلادهم البقاء تحت التاج المصري وفي ظل إستمرار مثل هذه العقلية والصورة النمطية قد لا نستغرب حضور اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية لرقص الفرنقبية من مع أهل جيل مرة ظناً منه أن ذلك كافياً لجعل الأستاذ / عبد الواحد إلغاء ممثلية حركته بتل أبيب.

ليست هناك تعليقات: