السبت، يناير 31، 2009

كيف قرأ د.نافع مبادرة العدل والمساواة؟-22-3-2008م

مبادرة حركة العدل والمساواة بإستعدادها للحوار المباشر منفردةً مع نظام الخرطوم طغت على مجمل الحراك السياسي منذ إعلانها وحتى هذه اللحظة ذلك لثقل وزنها عسكرياً وسياسياً في دارفور وفاعلية تواجدها بالأطراف المهمشة غرباً وشرقاً ، إضافة للسكون الذي إلتف حول المأساة منذ فترة ولم تلوح بارقة طرح جاد لحلها ، رغم إلحاحها وتهديها بإفشال التحول السياسي المرتقب لمجمل البلاد خلال العام القادم ، بعد مهزلة أبوجا شكلت الحركة محور قوة جبهة الخلاص الضاربة و بالتراجع المتزايد لمجهودات بقية الحركات والفصائل وجدت نفسها تتصدي شبه منفردة للغارات العسكرية بطول وعرض دارفور ، ونسقت مع تجمعات كردفان والتي تعتبر جبهات ثورية لها كما كانت في الشرق.
الواقع يؤكد أن حركة العدل والمساواة قد ملأت شبه الفراغ العسكري بعد ابوجا إلا أن هذه التضحيات والمجهودات الثورية المقدرة لن تؤهلها للإنفراد بالحوار المباشر مع النظام لإسترداد إستحقاقات أهل دارفور ، ذلك لأن ضعف الفاعلية الثورية لرفيقتها حركة التحرير وبقية الفصائل لا تسقط أهليتها للمشاركة في الحوار فيما تخص قضايا أهليهم خاصة وأن منهم المبادرون بتفجير الثورة من أجلهم والجميع يعرف ذلك كما أن معايير الأهلية بعد أن دولت القضية لم تعد عسكرية محضة ، نعم لديهم ظروف تنظيمية خاصة بهم أضرت كثيراً بمشاركتهم إلا أن موقفهم لم يتبدل ولم يهادنوا النظام أو يساموا بجراحات ذويهم ، نعتقد أن مثل هذه المنعطفات الثورية لا ينبغي أن تستغل من أي طرف بأي حال من الأحوال ، فالأيام دُول ، قد كانت حركة التحرير قبل مؤتمر حسكنية هي القوة الضاربة روعت النظام شرقاً وغرباً والآن تمركزت القوة لدى رفيقتها الثورية حركة العدل والمساواة ، ومن الأفضل للقضية أن يحتمل الثوار المواقف ويعذر بعضهم البعض ، ودارفور تسعهم جميعا ما أن تلاشت الأنا وإبتعد الجميع عن تذكية النفس ، فالغمز واللمز أوجه للإقصاء وصنف من صنوف التهميش سوف يستغلها النظام للإلتفاف حول الجميع وتطويق القضية بالقطاعي.

المأمول من الدكتور الثوري خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة حث رفقاء دربه من قادة الثوار على رفع مستوى الهمة للمؤازرة الميدانية واللوجستية خاصة وأنه ينتمي لجيل الثوار الشباب يتمتع بقدر وافر من المعرفة والخبرة العسكرية ولم ينقصه الحس القومي وسعة الأفق ، متواجد على الأرض وعلى تواصل مع القادة الميدانيون للحركات الأخرى ، ولا أعتقد أنه ليس على دراية بإستحالة الوصول إلى حلول عادلة لإستحقاقات أهل دارفور دون مشاركة ومباركة الغالبية العظمى منهم مهما ضئلت مشاركتهم الثورية والمدنية ، وبالتأكيد لم ولن تنجح أية مبادرة في الشأن الدارفوري دون مشاركة دول الجور وضمانات دولية وإقليمية قوية ، ومن المؤكد أن بقية قيادات الحركات والفصائل لم تقبل نتائج الحوار المنفرد وإن جاءت مبرأة من كل عيب ، سليم كصحن الصيني دون شق أو طق.

لقد قرأ النظام تلك المبادرة على أن الحركة قد أعياها النضال وضاق بها الطوق العسكري بعد أن تغاضى المجتمع الدولي عن النشاط المكثف للطيران الحكومي ضد المدنيين والعسكريين بالإقليم ما بعد مفاوضات سرت الأخيرة ، من المفارقات أن يرفض د. نافع الحوار الدكاكيني الذي يطالب به الثوار ويصر على وجود الوسطاء الدوليين لضمان عدم تراجعهم عن المواثيق ، ولا شك أن زعماء فصائل حركة التحرير وأجنحة العدل والمساواة قد شعروا بالتهميش والتنكر الثوري لمجهوداتهم مهما تواضعت ، لذا في تقديري أن المبادرة لم تكن موفقة سيما و أن قيادات العدل والمساواة قد رفضت المشاركة في مفاوضات سيرت أن لم تختصر على الحركات ما قبل ابوجا فقط أي التحرير والعدل المساواة والآن تختصرها على نفسها بوساطة كوفي أنان بالتحديد ، من الممكن أن يكون الطرح ذو وجاهة إن رفضت بقية الحركات والفصائل مبدأ الحوار ، بيد أن المبادرة تستند على واقعية ضعف تواجدهم ميدانياً ، ومن الممكن أن تُقرأ على أنها تذكية للنفس ، في تقديري أن الثورة المسلحة إجمالاً أن هي هزمت النظام عسكرياً وأجبرت قادتها للخضوع لإستحقاقات أهل دارفور وهو المأمول كآلية لا ينبغى تجاهل مشاركة غالبية أهل الإقليم بكافة مكوناتهم الإثنية والسياسية في صياغة الخطط المستقبلية للمنطقة.

ينتظر من قيادات حركة العدل والمساواة أن تنظر لقيادات الحركات الثورية الأخرى على أنهم شركاء أُصلاء للقضية ورفقاء درب وليس خصماء تتمدد على مساحاتهم من أجل الكسب الثوري الآني وبلا أدني شك بإن بقية الحركات سوف تقدر ثقل الحمل والمسئولية التي تصدت لها ولن تنسَ مجهوداتها وثبات مناضليها في المجالات المراحل كافة ، إن هى وسعت أفقها وقدرت مجهوداتهم ومدت لهم يد العون ما وسعت بدلاً من تهميشهم.

ليست هناك تعليقات: