الجمعة، يناير 30، 2009

جدلية منهج صلاح إدريس المادي - 22-10-2007م

بعد أن إمتلأت حقيقة صلاح أحمد إدريس التي إستعارها من شقيقته وهو ميماً شطر أرض الحجاز ، بعد أن إملأت تلك الحقيقة بالدراهم والدينارات دون مقدمات بدء الرجل الأسطورة ينفق في الفارغة والميلانة إنفاق من لا يخشى الفقر وإعتزم تجسيد الحياة المادية البحتة في أصرخ تجلياتها ، جالس عمالقة السياسة أمثال د.منصور خالد ومولانا الميرغني ، وشارك شيوخ الصوفية الجلوس في سجاداتهم دون تقبل أيدهم .. إشترى بفلوسه التابعية السعودية ولبس القُطرة والشماغ ، لن ندري هل فكر في تأسيس قناة تلفزيونية خاصة تروج لأعماله ومنهجه أم لا بعد إمتلك صحف إخبارية وتخصصية ... أحاط نفسه بكوكبة من أرقى الفنانين والأدباء ، بل فرض نفسه في الساحة الفنية شاعرا وملحناً ووقف على أعتاب كلية الموسيقى المسرح بعد أن طوق الملحن الكبير على أحمد في شئ من الذهول والإندهاش ولم يبقى له إلا فرض نُوته المادية وسلالم الإحتكار على طلاب قسم الموسيقى ، كان لسان حاله يقول :
إن الدراهم في المواضع كلها تكسو الرجال مهابة وجلالا
فهو اللسان من إراد فصاحة وهو السلاح من أراد قتالا

هذا الصلاح الصالح ليس في فمه (قشة مرة) حتى الشركات المفلسة والمصانع الخربة والمشروعات المهترئة لم يتردد في إمتلاكها ووضعها تحت أبطه لتظل مهجورة ، الكل مندهش ( وما في حد فاهم حاجة) إنتشل الفقر من خلق كثير لا عد لهم بيد أن المقربين منه يعيبون عليه أنه كثير المن وسريع التذكير بجمائله وهي خصله تأنف منها النفس الأبية ويستهجنها ذو الأذواق السليمة ، يقولون بشئ من المبالغة أن أبو صلاح إذا إختلف معك يذكرك بكأس عصير قد عزمك عليه في زمن غابر لا ينساها أبداً ، فهو مهووس بشئ اسمه الإمتلاك يلهث لإمتلاك كل شئ حتى البني آدميين ، رنين دراهمه أغرى الكثيرين من المبدعين لترك الصنعة والإتجاه إلى الـ/ Business وأصبحوا هواه لا أكثر يتعاطون التطريب في المنتجعات الخاصة.

أكبر إنقضاض له في عالم التملك والسيطرة كانت عملية فرض شخصيته المرحة على نادي الهلال العملاق بدون تاريخ وبدون ريده قديمة موثقه ، تربع على جهازه الإداري وسط إمتعاض الكثيرين وإنطبق عليه المثل ( ركبوه دخل يده في الجراب) وقد مسك الرسن وهو مردوف بل حاول طرد دجاج الحلة في محاولة يائسة لم تنجح إلا أنه لم يستسلم ويوما ما تجدون الأمين البرير ضيفاً على روزنامة نادي الهلال ، في سبيل توسيع منهجه المادي أعان زميله الشاب جمال الموالي إبن فداسي السخي على إعتلاء منصة الأحمر الوهاج فهو بحق يعتبر عُراب والي المريخ سفير الكرة السودانية ، وقد إختلق أزمة من مدير حزنه ناديه كما إختلق عُرابه أبو صلاح ، وإستعادة الأحمر الوهاج لأمجاده ذاك يحتاج مقالات أرحب ، الرسالة المهموم أبو صلاح بتوصيلها للمجتمع السوداني هو أن الفلوس كل شئ ولا شي سواه ، هذا المنهج يجعل الدنيا لا تسعنا والحياة لا تحتملنا على هذا الكوكب المادي ونضطر آسفين نحن الفقراء للبحث عن كوكب آخر للعيش فيه على الفضيلة والمثالية.

عندما إنتصر مجموعة الفيلسوف كمال شداد على هذه النزعة الجافة بفوزهم برئاسة إتحاد الكرة السودانية تنفسنا الصعداء وتيقنا أن الدنيا بخير وحقيقة أن المُثل والقيم النبيلة تختفي من الأرض ولكنها لا تموت أبدا ، ذلك الإنتصار يجلعنا نتيقن أن نظرية الأمام الصادق المهدي والتي ملخصها (أكل تورك وأدي زولك) قد تقلب الموازين على كافة الأصعدة فالقيم جاسمة في الصدور والحاجة تبيح أكل الثور النابل ، قبل أن تهدأ أنفاسنا على تلك الخلاصة ، فاجأنا أبو صلاح بإنتصار هلاله هلال الملايين الذي أصبح بدر التم وهو هاديه ، إنتصار الهلال على الأهلي المصري حدث غير مسبوق في تاريخ الكرة السودانية ولم تكن له ذات النكهة حتى لو أنتصر في المتخب البرازيلي ، هذا الإنتصار رقص له الملايين على إمتداد المليون ميل مربع ، حتى المصابون بالإكتئاب والشوزفرينا إبتهجو من إندياح السرور في دواخلهم ، تشفى الذي أهينوا في ميدان مصطفى محمود بالمهندسين ، على الرغم من أنه إنتصار على فريق عربي إلا أن العرب الذين يقدحون في عروبة السودان وهم محقون في ذلك قد إبتهجوا ورقصوا من المحيط للخليج .. الإنتصار على مصر إنتصار على ام الدينا ... إنتصار على بلد إحتكر الحضارة والتفوق في كل شئ لعدة قرون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعطيات موضوعية وبأوهام أيضاَ ولا يقبلون الزحام على هذه الزعامة ، يذكر أحد الصحفيين الرياضيين انه كان ضمن وفد إعلامي رافق منتخب السودان للناشئين للعب بمصر وقد إنتصر الفريق السوداني 1/0 على الفريق المصري إلا أن الصحافة المصرية عكست النتيجة لصالح الفريق المصري وقد إحتجوا على ذلك وتعهدوا لهم بأنهم سوف يصححون ذلك الخطأ المتعمد اليوم التالي ولم يحدث شئ من ذلك حتى اليوم ، الشعب المصري الشقيق لا يصدق حينها أن فريق سوداني يفوز على أي من فرقهم لذا تعمدت صحافتهم تزوير النتيجة مع سبق الإصرار لِم لا وهم عمالقة الإعلام ، فحتى عام 2005 كانت مصر بها 63 قناة إعلامية مرئية ومسموعة دعك عن المقرؤة وقد فشل غسان التويني أن يكون هيكلا ويجعل من النهار إهراماً رغم المقومات ، النصر المؤزر 3/0 إنتصار لا يشوبه حيف في التحكيم ولا يحتمل الصدفة مطلقاً رغم أن ثقافتي الرياضة محدودة للغاية ينتهي بقراءة تفاصيل المبارايات النهائية التي تجمع المريخ والهلال وكذلك المباراة النهائية لمونديال كأس العالم لا أستطيع ركل كرة قدم في خط مستقيم لمتر واحد و قد سكنت أربع سنوات متتالية أمام البوابة الرئيسة لإستاد الهلال وأكتفي بتناول البوش والكوارع البوفيه ومتابعة جولات البلياردو في صالات النادي وأصلى الجمعة في مسجده الوثير زمن توهج الشيخ يوسف الكودة ولم أدخل الملعب إلا مرة واحدة (ملح) بعد إصرار زميل لي متمدن ومهووس بكرة القدم ذلك عندما زار المنتخب العراقي بقيادة المبدع أحمد راضي ولعب مباراة ودية مع فريق الهلال لا أدري هو الفريق الرئيسي أم الإحتياطي و كانت نتيجتها 8/0 (أي و الله) لصالح المنتخب العراقي في الشوط والأول فقط بعدها العراقيون يأتون بالمدورة إلى مرمى الخصم ثم يركلونها ثوب مرماهم .. يا حسرة على أمم سادت ثم بادت .. هذا الإنعطاف الحاد في تاريخ الكرة السودانية صنعه أبو صلاح بعد أن ألبس مغاوير الهلال العظيم (كدارات) من جلود النمور المنقطة (كدايسها) من الذهب الخالص وأربطتها من الحرير وهو يقول لنا لا شعار النادي ولا حب الجماهير يكفي للسموق الكروي الفلوس هى وحدها تلعب ، على العموم رغم إستهجاننا للمنهج ما دام أبو صلاح يوظف الدراهم المكدسة في شنطة شقيقته تلك التي تنسخ ملايين الدينارات العجيبة لرفع رأس السودان ويصنع أريج الفرح ، أعتقد كان اسمه المستعار في الصحف (ابوأريج) وينثر شذاه على إمتداد أرض الوطن فإن ذلك يرغم الكثيرين على التقاضي عن مآخذهم عليه ويكتفون بإبتسامته الصافية فالكمال لله وحده.

ليست هناك تعليقات: